صيام يوم عاشوراء كفارة سنة، وصيام يوم عرفة كفارة سنتين، لما روى أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده)].
أي: أن صيام يوم عرفة يكفّر سنة ماضية وسنة قادمة، ومعلوم أن السنة القادمة لم يقع فيها ذنوب، فما معنى تكفير الذنوب في السنة القادمة؟ يقول الحافظ ابن حجر: إذا ارتكب المسلم صغيرة في السنة القادمة تصير مغفورة بسبب صيامه لعرفة، وليس معنى هذا أنه طالما صام عرفة تجرأ على الصغائر، وإنما إذا هفا وضعف في معصية وكان قد صام عرفة فالسنة القادمة تكفر الصغائر التي تقع، والكبائر ليس لها تكفير، إنما لا بد لها من توبة واستغفار وندم وعزم وإقلاع.
ويوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو أفضل أيام السنة كما هو معلوم، ولذلك يباهي الله عز وجل بحجاج بيته الملائكة، فيقول: (أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم)، ويوم عرفة هو يوم تسع ذي الحجة، ومن العجب في زمن الإحن والمحن أن اقترح بعض الناس لحل مشكلة زحام عرفة، فقال: أقترح أن نعدد أيام عرفة، فيكن في شوال يوم عرفة وفي ذي القعدة، وفي ذي الحجة، لأن هذه أشهر الحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:197] شوال وذو القعدة والعشر الأوائل من ذي الحجة، ونقسّم الحجاج إلى ثلاثة أقسام: حجاج أفريقيا -مثلاً- يقفون في شوال، وحجاج آسيا في ذي القعدة، وحجاج أوروبا في ذي الحجة، فالعقل يضل حينما يعطي لنفسه حرية الاجتهاد بدون قيد شرعي، والمشكلة الغريبة والعجيبة أنه قد كتب كاتب فقال في ذلك: اقتراح جدير بالدراسة.
وفي تسميته عرفة وردت الآثار التي لا نعرف صحتها أن حواء وآدم حينما أهبطا من الجنة، فإن آدم أُهبط في مكان وحواء أُهبطت في مكان وتعارفا على عرفة فسمي عرفة، وهذا من كلام أهل الكتاب وليس عندنا ما يصدق ولا يكذّب.
قال رحمه الله: [وقال في صيام عاشوراء: (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)].
وعاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وهو اليوم الذي نجا الله فيه موسى من الغرق، وأغرق فيه فرعون، فصامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه في أول الأمر، فلما فُرض رمضان أصبح صيام عاشوراء على الندب والتخيير، من شاء صام ومن شاء أفطر، وحينما فرض صيام عاشوراء صامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه، فصامه الصحابة وصوّموا أطفالهم الصغار، وكانوا يصنعون لهم العرائس حتى ينشغلوا بها إلى أن يؤذن، وفي هذا مشروعية تعويد الصبي على الطاعة وعلى العبادة.
وفي يوم عاشوراء ترى العجب العجاب من الروافض الذين يشقون الجيوب ويضربون رؤوسهم بالحجارة، وتسيل منهم الدماء إلى غير ذلك من خرافاتهم، وإني أحذّر فإن الرافضة الآن يكثّفون الجهود لنشر فكرهم الخبيث، فلا بد من تحصينات الشباب من دعاة التقريب أو من يقولون بالتقريب، وأنه لا فرق بين أهل السنة والشيعة فكلنا سواء! وهذا كلام خطير وخبيث، فالشيعة فرق متعددة وكفى أن تعلم أن الفرقة المعتدلة فيهم هي الإثنا عشرية، والتي قالت: بعقيدة البداء، ومعنى البدا هو أن الله بدا له أن يفعل بعد أن كان لا يعلم، وهذا اتهام لله بعدم العلم، وكذا عقيدة الرجعة والتقية، وحدّث ولا حرج عن منهجهم الفاسد وعن خللهم الاعتقادي، وعن طعنهم في أصحاب رسول الله لا سيما أبو بكر وعمر، والسيوطي له كتاب طيب اسمه: إلقام الحجر لمن زكى ساب أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- ويقصد بذلك الشيعة الروافض، وكذلك يسبون الصدّيقة بنت الصديق رضي الله عنها فضلاً عما يحرّفون في القرآن وفي الأحاديث ويطعنون في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلنحذر ونحذّر من هذا أيها الإخوة الكرام.
وأهل الكتاب لهم طعن وتشويش وشبهات، والروافض لهم طعن وتشويش وشبهات، ومن الفرق الضالة ليل نهار الخوارج والأشاعرة ونسأل الله العافية، والاستشراق فضلاً عن العلمانية وما أدراك ما العلمانية، فقد فُتحت لها الأبواب ليل نهار، فهي تهجم على السنة، وعلى القرآن، وعلى الثوابت الشرعية، فهي فتنة، فاثبت على الحق ولو كنت وحدك، وافهم القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، فلا تحيد عن الطريق أبداً، وإياك أن تغتر بكثرة الناس، فإن الكثرة دائماً فيها الضلال، قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] فلا يكن همنا التجميع كبعض الجماعات الضالة، كالحزبية والصوفية والبوذية والشيعية، وكلها في سلة واحدة، والمهم عندهم الكثرة، فلنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه! فإذا اختلفنا في العبادة هل يعذر بعضنا بعضاً؟ أو اختلفنا في الطواف حول القبور هل يعذر بعضنا بعضاً؟ فهذا كلام يحتاج إلى ضابط، فهناك أمور لا يجب أن أعذرك فيها كأمور العقيدة، فمثل