قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم].
أما قوله: (يجب) فمعنى ذلك: أن صيام رمضان واجب، أي: فرض.
وأنواع الصيام المفروضة على العبد ثلاثة: صيام رمضان، وصيام الكفارات، وصيام النذر، فمن نذر أن يصوم لله لا بد أن يصبح الصيام في حقه واجباً، وكفارة اليمين وكفارة الظهار وكفارة القتل الخطأ صيامها واجب، فالصيام الواجب: هو المفروض على العبد أن يصومه.
قلت: رمضان واجب بحق الشرع، والنذر واجب بحق الشرط، فالواجب ينقسم إلى واجب بالشرع وواجب بالشرط، فالذي أشترط على نفسي أن أصومه لا بد من صومه.
وشروط الصوم أربعة، ومعنى الشرط: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، والمعنى: أن هذه الشروط واجب توافرها ليصح الصيام، فبعضها شروط صحة وبعضها شروط وجوب، وهناك فرق بين شرط الصحة وشرط الوجوب، فالبلوغ شرط وجوب، يعني: يجب على الصبي أن يصوم إذا بلغ، فإن صام قبل البلوغ فإن صيامه صحيح.
والإسلام شرط صحة، فإن صام الكافر فلا يصح صيامه.
قال: [فشروط الصيام أربعة: الإسلام، فلا يجب على كافر أصلي ولا مرتد؛ لأنه عبادة لا تجب على الكافر كالصلاة].
إذاً: الشرط الأول هو الإسلام، فإذا صام نتنياهو فحكم صيامه لا يصح؛ لأنه كافر، وشرط قبول الأعمال هو التوحيد، وأول واجب على العبيد هو معرفة الرحمن بالتوحيد، ولو صام المشرك فإن صيامه باطل وغير مقبول: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:65].
فالإسلام شرط صحة، فلا يجب على كافر أصلي ولا مرتد؛ لذلك لو كان مسلماً وصام رمضان، ثم في ظهيرة رمضان ارتد فحكم صيامه أنه باطل؛ لأن الردة تبطل الصيام، وسب الدين في رمضان وفي غير رمضان كفر، فإن سمعتم بصائم يسب الدين فإن سب الدين كفر، إذاً: صيامه يبطل؛ لذلك قال: الإسلام.
قال: [والثاني: العقل، فلا يجب على مجنون]؛ لأن العقل مناط التكليف، يعني: إذا وجد العقل وجد التكليف، فلا تكليف، فالمجنون غير مكلف لا بصيام ولا بصلاة ولا بأحكام شرعية؛ لأنه رفع القلم عن المجنون حتى يفيق، يعني: حتى يعقل.
قال: [والثالث: البلوغ، فلا يجب على صبي؛ لقوله عليه السلام: (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ الحلم)].
والقلم المرفوع عن الصبي يختلف عن القلم المرفوع عن النائم؛ لأن قلم السيئات يرفع عن الصبي، وقلم الحسنات يجري في حقه، أما النائم فقلم السيئات والحسنات يرفعان عنه، إلا إذا ابتغى النائم بنومه وجه الله يؤجر على ذلك، فإن أتى بمعصية وهو نائم لا يؤاخذ عليها، أتى بطاعة وهو نائم، أو رأى في نومه أنه يصلي فلا أجر عليه؛ لأنه لا عبرة بالأعمال عند النوم، أما الصبي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حينما رفعت المرأة صبياً لها وقالت: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر)، إذاً: هو له حج وللولي أجر، ولا تسقط عنه حجة الإسلام إن بلغ، وحجه وهو صبي صحيح وله على ذلك أجر، فإن كان بيننا الآن صبي دون السابعة يصلي معنا، فإن قلم الحسنات يجري في حقه، وإذا لم يصل فقلم السيئات لا يجري.
ثم قال: [ويؤمر به الصبي إذا أطاقه، ويضرب عليه ليعتاده، ولا يجب عليه للخبر].
فالصبي يؤمر بالصيام حتى يتعود على الطاعة: (علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)، فاصطحاب الولد إلى المسجد بعد السابعة يجوز؛ لأنه أصبح مميزاً؛ لذلك قال الفقهاء: وسن الختان للصبي ينبغي أن يكون قبل السابعة؛ لأن هناك علاقة بين الختان والطهارة، ومتى أمر بالصلاة أمر بالطهارة، ولا تتأتى الطهارة إلا بالختان للذكر والأنثى، وللأنثى حتى البلوغ؛ لأن هناك علاقة بين الطهارة وبين الصلاة، فمتى يجب عليهما الصلاة يجب عليهما الختان، والختان أصل الطهارة، فإن لم يختتن الذكر أو تختتن الأنثى لا تتحقق الطهارة؛ وذلك لأن الحشفة تمنع جزءاً من البول عن التطهر، كذلك عند الأنثى؛ ولذلك من لزوم الطهارة الختان.
إذاً: شروط الصيام أربعة: الإسلام، العقل، البلوغ، القدرة.
فمن عجز عن الصيام فلا صوم عليه، فإن الله لم يكلفنا إلا بما نستطيع، فإن كان مريضاً أو مسافراً أو عاجزاً عن الصيام فهو غير قادر، وذكر البخاري في كتاب الصيام: أن الصحابيات كن يعودن أبناءهن على الصيام: (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء، فصمنا وصومنا أبناءنا الصغار، حتى إذا بلغ من الولد الصبي الجهد -يعني: يريد أن يأكل ويشرب- صرف لهم العرائس من الصوف)؛ لينشغل الصبي حتى يؤذن المؤذن، فانظر إلى تعويد الصبي على الطاعة، لكن أنت ستأخذه لمباراة القمة والسوبر والمسرح وتصطحبه إلى المصيف حيث العري والإباحية والاختلاط، وتعلمه البذاءة من صغره.
قال الشاعر: أرضعوا الأطفال في المهد الحرام علموهم فحشهم قبل الكلام فلا بد أن يتعود الصبي على الطاعة منذ صغره، الصدق الأمانة عدم الكذب الإخلاص ا