الأصناف التي لا تؤخذ في الصدقة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فلا زلنا مع كتاب العدة وفي كتاب الزكاة، قال المصنف رحمه الله تعالى: [ولا يؤخذ في الصدقة تيس ولا ذات عوار ولا هرمة ولا الرَّبيُّ ولا الماخض ولا الأكولة، ولا يؤخذ شرار المال ولا كرائمه إلا أن يتبرع به أرباب المال].

وقبل بيان هذه الأصناف التي لا يجوز إخراج الزكاة منها، توعد الله عز وجل صاحب الإبل، أو صاحب البقر، أو صاحب الغنم، أو صاحب الذهب، أو صاحب الفضة بالعذاب إن قصر في إخراج زكاتها، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة:34 - 35].

وجاء في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاة ماله إلا بعث الله له يوم القيامة ثعباناً يأخذ بشدقية ويقول: أنا مالك أنا كنزك)، فإياك يا عبد الله أن تبخل على ربك عز وجل.

وأما الأصناف التي لا يجوز إخراج الزكاة منها: أولاً: التيس، وهو فحل الغنم، كما أن فحل الضأن يسمى خروفاً، وفحل الإبل يسمى جملاً، وفحل البقر يسمى ثوراً، فلكل صنف من الأنعام فحل.

ثانياً: الهرمة، أي: المسنة، فلا يأخذ صاحب الزكاة أجود وأفضل المال، ولا يأخذ أردى وأقبح المال، بل يأخذ من أوسطها.

ثالثاً: العوراء، أي: المعيبة، لقوله سبحانه: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:267]]، أي: لا تقصدوا الخبيث من الزكاة، بل أنفق مما تحب، قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92]، فلا بد أن تجعل لله ما تحب، وإياك أن تبحث عن الأنواع الرديئة، فتجعل لله ما تكره.

قال الشارح: وروى أنس في كتاب الصدقات: (ولا يجزئ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس).

رابعاً: الرَّبيُّ، وهي التي تربي ولدها، لأجل ولدها، كالأم التي تربي أولادها.

خامساً: الماخض، وهي الحامل التي حان ولادها.

سادساً: الأكولة، وهي السمينة.

سابعاً: شرار المال وكرائمه، أي: أسوأه وأحسنه، لحديث معاذ: (إياك وكرائم أموالهم)، فإذا جاء جامع الزكاة إلى صاحب المال، قسم صاحب المال ماله إلى ثلاث: خيار، وشرار، ووسط، فيأخذ جامع الزكاة من الوسط، ويجتنب الأصناف الأولى التي ذكرناها.

ثم قال رحمه الله تعالى: [إلا أن يتبرعوا به]، يعني: أن صاحب المال إذا تبرع بالخيار جاز أخذه، كأن يعطي (حقة)، والواجب في حقه (بنت مخاض)؛ لأن المنع من أخذه لحقّه فجاز برضاه، كما لو دفع فرضين مكان فرض، كأن يلزمه بنت مخاض فأخرج بنتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015