والأدلة على ذلك لا حصر لها، ومنها: أولاً: أن عائشة رضي الله عنها لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا أقول عندما أدخل المقبرة؟ قال لها: قولي: (السلام عليكم) ولم يقل لها: يا عائشة! لا تزوي القبور، وهذا غير مشروع لك، وإنما أقرها على السؤال وعلمها الدعاء.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى امرأة عند القبر صبرها فقالت: إليك عني؛ فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تكن تعرفه، فلما أخبرت المرأة أن ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فذهبت إلى داره فلم أجد على باب بيته بوابين، فدخلت مباشرة على النبي صلى الله عليه وسلم واعتذرت وتأسفت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عن الصدمة الأولى).
ولم ينهها أو يقل لها: هذا المقام ليس مقامك، وإنما أقرها على زيارتها، وعلمها الصبر عندها.
ثالثاً: قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها) نص عام، ومن أراد أن يخصصه بالرجال فليأت بمخصص، فإن قال قائل: حديث: (لعن الله زوارات القبور)، قلنا: الحديث ضعيف، وإن صح الحديث فكلمة: (زوارات) يعني: مكثرات الزيارة.
وبدع النساء في زيارة القبور كثيرة، فقد تذهب في يوم العيد، وتأخذ معها ما لذ وطاب من الطعام، وتأتي بقارئ يقرأ عند القبر، وقد تأتي بمن لا يعرف القراءة، وتجد بعض هؤلاء يلبس زي المقرئ ويجلس يتحدث بأي كلام والمرأة لا تعرف ما يقول.
وهذه كلها بدع ما أنزل الله بها من سلطان، والأصل أن تدعو وتستغفر للميت وتقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم اغفر لهم وارحمهم، اللهم تجاوز عن سيئاتهم، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وتدعو للميت بما شاءت، وقراءة القرآن على القبور ليس لها أصل من السنة مطلقاً من قريب أو بعيد.