قال المصنف رحمه الله: [وهي فرض على الكفاية إذا قام بها أربعون من أهل المصر سقطت عن سائرهم، ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال، والسنة فعلها في المصلى، وتعجيل الأضحى وتأخير الفطر، والفطر في الفطر خاصة قبل الصلاة، ويسن أن يغتسل وأن يتنظف ويتطيب، فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة، يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام.
ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين، ثم يقرأ الفاتحة وسورة يجهر فيهما بالقراءة، فإذا سلم خطب بهم خطبتين، فإن كان فطراً حثهم على الصدقة وبين لهم حكمها، وإن كان أضحى بين لهم حكم الأضحية والتكبيرات الزوائد، والخطبتان سنة.
ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها في موضعها، ومن أدرك الإمام قبل سلامه أتمها على صفتها، ومن فاتته فلا قضاء عليه، فإن أحب صلاها تطوعاً: إن شاء ركعتين وإن شاء أربعاً وإن شاء صلاها على صفتها، ويستحب التكبير في ليلتي العيدين، ويكبر في الأضحى عقيب الفرائض في الجماعة من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.
وصفة التكبير شفعاً: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد].
قال: [وهي فرض على الكفاية] هذا اختيار المذهب، واختلف العلماء في حكمها، لكن الشوكاني له استنباط جيد في كتاب الروضة الندية، حيث قال: إن صلاة العيدين فرض على المكلف، وتاركها عاص؛ لأنه لو اجتمع العيد مع الجمعة في يوم واحد فإنه يجوز لمن صلى العيد ألا يصلي جمعة وأن يصليها ظهراً، فإن لم يكن العيد واجباً، فهل يستطيع غير الواجب أن يسقط واجبة؟ بمعنى: أن الجمعة واجب فأسقطها العيد وحولها إلى ظهر، فهل يقوى غير الواجب على أن يسقط الواجب؟ ثانياً: أن أم عطية قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج إلى العيد، وأن نخرج العواتق من النساء والحيض وذوات الخدور؛ ليشهدن الخير)، وقولها: (أمرنا) يفيد الوجوب.
إذاًَ: أدلة وجوب العيدين على الأعيان من أقوى الأدلة، وقول المذهب: إنها فرض على الكفاية نرد عليه بهذه الأدلة.
ثم قال: [إذا قام بها أربعون]، أيضاً يشترط للعيد عدد.
قال: [من أهل المصر سقطت عن سائرهم، بدليل قوله سبحانه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]].
وهذا استدلال في غاية الضعف؛ لأن قوله: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) ليس معناه: صل العيد، وإنما الراجح عند المفسرين: صل لربك وانحر لربك، فالصلاة ليست إلا إلى ربك، والنحر ليس إلا إلى ربك، وليس المقصود: فصل وانحصر كما هو معروف عند الناس، وإنما الراجح: الصلاة لربك والذبح لربك عز وجل.
قال: [والمشهور في التفسير أن المراد بها: صلاة العيد، وهو أمر والأمر يقتضي الوجوب؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا يداومون عليها؛ ولأنها من شعائر الإسلام فأشبهت الجهاد].