قال في الشرح: [ويستحب أن يخطب على منبر أو موضع عال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب على منبره، ولأنه أبلغ في الإعلام].
والمنبر من ثلاث درجات، صنعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقوم عليه، وبعض المساجد تعقد منبراً من خمسين، فيكون الخطيب في الدور التاسع، والمصلي في الدور الأرضي، حتى إذا قرأ آية فيها سجدة أراد أن ينزل للسجود يريد ساعة نزول وساعة صعود! وارتفاع المنبر يجعل المستمع بعيداً عن الخطيب، والخطيب لا يتفاعل مع الجمهور، فارتفاع المنبر ليس من السنة في شيء، والحديث في البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صُنع له منبر من ثلاث درجات).
قال: [فإذا صعد أقبل على الناس فسلم عليهم].
قال: السلام عليكم ورحمة الله.
قال: [لأن جابراً قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم عليهم) رواه ابن ماجه].
ومن السنة: أن يستقبل الناس بوجهه، وأن يستقبله الناس بوجوههم، فلا يجوز أن تعطي ظهرك للإمام أو ظهرك للقبلة، وقد يقول قائل: نرى بعض الإخوة يضع ظهره على الجدار بحيث يكون في غير اتجاه القبلة؟ أقول: هذا مخالفة للسنة، لابد أن يستقبل المأموم الإمام بوجهه ولا يعطي ظهره للقبلة، بل يعطي وجهه للقبلة؛ لأن هذا فيه سنة وأدب في استقبال القبلة وعدم استدبارها.
قال: [ثم يجلس إلى فراغ الأذان، ثم يقوم فيخطب بهم، ثم يجلس] شرعت للاستراحة وليست للدعاء.
قال: [ثم يخطب الخطبة الثانية؛ لأن ابن عمر قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب) رواه أبو داود؛ ولأن جابر بن سمرة قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، فمن حدثك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب) رواه مسلم].
يعني: كان يخطب قائماً، والدليل من القرآن: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة:11]، فهذا دليل على أنه كان يخطب قائماً عليه الصلاة والسلام، إلا لمرض أو عذر فيجوز للخطيب أن يخطب جالساً.
قال: [ثم تقام الصلاة، فينزل فيصلي بهم ركعتين، يجهر فيهما بالقراءة.
إجماعاً نقل الخلف عن السلف.
ويستحب أن يقرأ في الأولى بالجمعة وفي الثانية: المنافقين أو سبح والغاشية].
يقول هنا: يستحب؛ لأن بعض الإخوة يقول: يا شيخ! أنت تصلي الجمعة بقصار السور، فلماذا لا تقرأ بسبح والغاشية؟ أقول: يا عبد الله! أنا أرى أن المسجد مكتظاً والشوارع مقفلة؛ ولذلك أقرأ بسورة الإخلاص والنصر والعصر، كي أنتهي وأسهل الأمور؛ لأنه يستحب فقط، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وترك المستحبات لأجل تأليف القلوب أمر واجب.
لكن بعض الناس قلب الهرم، فتراه يفعل المستحب قبل الواجب، ويقاتل على المستحب ويوالي ويعادي على المستحب، فلتعلم أن المستحبات مندوبات، من فعلها له الأجر، ومن لم يفعلها فليس عليه شيء.
قال في الشرح: [فمن أدرك معه منها ركعة أتمها جمعة].
إذاً: من أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك الجمعة، وإدراك الركعة بإدراك الركوع.
قال: [لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة) ورواه ابن ماجه ولفظه: (فليصل إليها أخرى)، وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)، وإن أدرك أقل من ركعة أتمها ظهراً].
فمن أتى وأدرك الإمام ساجداً في الركعة الثانية فعليه أن يصلي ظهراً؛ لأنه لم يدرك الجمعة، وفي هذا دليل على جواز اختلاف النية بين المأموم والإمام، فالإمام يصلي جمعة والمأموم يصلي ظهراً، فهذا فيه اختلاف النوايا وهو دليل عند الشافعي.
قال رحمه الله: [قال الخرقي: إذا كان قد دخل بنية الظهر فظاهر هذا: أنه لو نوى جمعة لزمه الاستئناف؛ لأنهما صلاتان لا تتأدى إحداهما بنية الأخرى، فلم يجز بناؤها عليها كالظهر والعصر].
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم.