قال: (فإن تركها عمداً بطلت صلاته، وإن تركها سهواً سجد لها)، واستدل ابن قدامة على هذا: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نسي التشهد الأوسط فجبره بسجود، فقال: وسائر الواجبات تقاس عليه، ثم قال: (وما عدا هذا فسنن لا تبطل الصلاة بعمدها، ولا يجب السجود لسهوها)، يعني: ما عدا الأركان والواجبات فهو سنن لا تبطل الصلاة بتركها عمداً أو سهواً، ولا يجب السجود لها في السهو.
ولعل البعض يقول: ما رأيكم في قول الحنابلة: إن ترك الواجب عمداً بطلت الصلاة، وإن تركه نسياناً سجد للسهو؟ وهذه الرواية الأولى عن أحمد، والرواية الثانية أنها لا تبطل، والحقيقة أن استدلال الحنابلة بمسألة التشهد الأوسط ثم قاسوا عليه سائر الواجبات فيه نظر، نقول: لا تقاس سائر الواجبات على بعضها؛ فإن من نسي قول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، أو تعمد أن يتركها عمداً لا يمكن أن يقاس على من نسي أو تعمد أن يترك التشهد الأوسط، فالواجبات تختلف عن بعضها البعض في الرتبة.