ثانيا: أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر من رأى رؤيا يكرهها أن يتفل عن يساره ثلاث مرات, ويستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان, وينقلب إلى جنبه الثاني, ولا يخبر بها أحداً، ويتوضأ ويصلي, كل هذا من أجل أن يطرد الإنسان عنه هذه الهموم التي تأتي بها هذه الأمراض, ولهذا قال الصحابة: لقد كنا نرى الرؤيا فنمرض منها، فلما حدَّثَنا رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا الحديث؛ يعني: استراحوا، ولم يبق لهم هم, فكل شيء يجلب الهم والحزن والغم فإن الشارع يريد منا أن نتجنبه, ولهذا قال الله تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) (البقرة: 197)، لأن الجدال يجعل الفرد يحتمي ويتغير فِكْرُهُ من أجل المجادلة، سيحصل له هم ويلهيه عن العبادة.
المهم اجعل هذه نصب عينيك دائما؛ أي: أن الله - عز وجل - يريد منك أن تكون دائماً مسروراً بعيداً عن الحزن.
والإنسان في الحقيقة له ثلاث حالات:
حالة ماضية, وحالة حاضرة, وحالة مستقبلة؛
الماضية: يتناساها الإنسان وما فيها من الهموم؛ لأنها انتهت بما هي عليه إن كانت مصيبة فقل: (اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها) (?) وتناسى، ولهذا نهى عن النياحة، لماذا؟ لأنها تجدد الأحزان وتذكر بها.
المستقبلة: علمها عند الله - عز وجل -،اعتمد على الله، وإذا جاءتك الأمور فاضرب لها الحل, لكن الشيء الذي أمرك الشارع بالاستعداد له فاستعد له.
والحال الحاضرة هي: التي بإمكانك معالجتها, حاول أن تبتعد عن كل شيء يجلب الهم والحزن والغم، لتكون دائما مستريحا منشرح الصدر، مقبلا على الله وعلى عبادته وعلى شؤونك الدنيوية والأخروية, فإذا جربت هذا استرحت؛ أما إن أتعبت نفسك مما مضى، أو بالاهتمام بالمستقبل على وجه لم يأذن به الشرع، فاعلم أنك ستتعب ويفوتك خير كثير).