التعليق:

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/ 500):

(وهذا الخلاف مبني على الاختلاف في وجوب القضاء على من اعتمر فصد عن البيت:

فقال الجمهور: يجب عليه الهدي ولا قضاء عليه.

وعن أبي حنيفة عكسه.

وعن أحمد رواية: أنه لا يلزمه هدي ولا قضاء، وأخرى: يلزمه الهدي والقضاء.

فحجة الجمهور قوله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي)، وحجة أبي حنيفة: أن العمرة تلزم بالشروع فإذا أحصر جاز له تأخيرها، فإذا زال الحصر أتى بها، ولا يلزم من التحلل بين الإحرامين سقوط القضاء. وحجة من أوجبها: ما وقع للصحابة فإنهم نحروا الهدي حيث صدوا، واعتمروا من قابل وساقوا الهدي، وقد روى أبو داود من طريق أبي حاضر قال: (اعتمرت فأحصرت فنحرت الهدي وتحللت ثم رجعت العام المقبل) فقال لي ابن عباس: ابذل الهدي؛ فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أصحابه بذلك. وحجة من لم يوجبها: أن تحللهم بالحصر لم يتوقف على نحر الهدي بل أمر من معه هدي أن ينحره ومن ليس معه هدي أن يحلق. واستدل الكل بظاهر أحاديث من أوجبهما، قال ابن إسحاق خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذي القعدة مثل الشهر الذي صد فيه المشركون معتمراً عمرة القضاء مكان عمرته التي صدوه عنها، وكذلك ذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب وأبو الأسود عن عروة وسليمان التيمي جميعا في مغازيهم أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج إلى عمرة القضاء في ذي القعدة، وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه بسند حسن عن ابن عمر قال: كانت عمرة القضية في ذي القعدة سنة سبع. وفي مغازي سليمان التيمي: لما رجع من خيبر بث سراياه وأقام بالمدينة حتى استهل ذو القعدة فنادى في الناس أن تجهزوا إلى العمرة. وقال ابن إسحاق خرج معه من كان صد في تلك العمرة إلا من مات أو استشهد. وقال الحاكم في الإكليل: تواترت الأخبار أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما هل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015