قال المصنف رحمه الله تعالى: [البنات: زينب: تزوجها أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، وهو ابن خالتها، وأمه هالة بنت خويلد، ولدت له علياً مات صغيراً، وأمامة التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وبلغت حتى تزوجها علي بعد موت فاطمة.
وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها علي بن أبي طالب، فولدت له الحسن والحسين، ومحسناً - مات صغيراً - وأم كلثوم تزوجها عمر بن الخطاب، وزينب تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب].
بناته عليه الصلاة والسلام أربع: رقية وأم كلثوم وزينب وفاطمة.
ذكر المصنف أولهن زينب والأظهر أنها الكبرى، وهذه زينب رضي الله عنها وأرضاها تزوجها أبو العاص بن الربيع وكان مشركاً في أول الأمر ثم أسلم، وهي التي أهدتها أمها خديجة بنت خويلد قلادة يوم أن دخلت على زوجها، ثم لما كانت معركة بدر كان زوجها ضمن الأسرى الذين أسرهم المسلمون، فلما شرع الفداء ليفدوا سراهم أخرجت زينب بنت رسول الله هذه القلادة التي أعطتها إياها أمها خديجة لتفدي بها زوجها الكافر العاص بن الربيع.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم القلادة التي أهدتها زوجته خديجة أم زينب لـ زينب يوم زواجها دمعت عيناه صلوات الله وسلامه عليه وتحرك قلبه؛ لأنه تذكر أيام خديجة، والإنسان جبلة إذا رأى شيئاً يذكره بشيء قديم يحزن إذا كان أمراً محزناً ويفرح إذا كان أمراً مفرحاً.
فقلت له إن الأسى يبعث الأسى فهذا كله قبر مالك وزينب ولدت من العاص أمامة، وهي التي كان يحملها النبي صلى الله عليه وسلم.
أما رقية فقد تزوجها عثمان رضي الله عنه وأرضاه.
وأما فاطمة رضي الله تعالى عنها فقد تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي أصغر بناته على قول، وقول آخر أن أصغرهن أم كلثوم.
وذكر المصنف رحمه الله أنها ولدت لـ علي الحسن والحسين ومحسن.
ولما ولدت فاطمة ابنها الأول دخل النبي عليه الصلاة والسلام على علي وفاطمة، وقال: (أين ابني؟ ما سميتموه؟ قالوا: سميناه حرباً، قال: بل هو حسن).
فلما حملت بـ الحسين وولدت قال: (أين ابني؟ ما سميتموه؟ قالوا: سميناه حرباً، قال: بل هو الحسين).
فلما ولدت الثالث قال: (ما سميتموه؟ قالوا: حرباً) وكأن اسم حرب كان علي وفاطمة يحبان أن يسميا به ولداً لهما.
(قالوا: سميناه حرباً، قال: لا، بل هو م حسن، ثم قال: سميتهم بولد نبي الله هارون: بشار وبشير ومبشر).
هذا م حسن مات وهو صغير، وبقي الحسن والحسين ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا.
ثم قال المصنف: وأم كلثوم تزوجها عمر بن الخطاب، وليست هذه أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم، هذه أم كلثوم بنت علي أخت الحسن وأخت الحسين، وهي بنت علي بن أبي طالب من فاطمة، ولدت في السنة السادسة من الهجرة، أي: أنه مات النبي صلى الله عليه وسلم وعمرها أربع سنوات، وتزوجها عمر رضي الله عنه وأصدقها أربعين ألفاً، وكان يريد أن يحظى بقرابة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ورقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها عثمان بن عفان فماتت عنده، ثم تزوج أم كلثوم فماتت عنده، وولدت رقية ابناً فسماه عبد الله، وبه كان يكنى.
فالبنات أربع بلا خلاف، والصحيح من البنين أنهم ثلاثة، وأول من ولد له القاسم، ثم زينب، ثم رقية، ثم فاطمة، ثم أم كلثوم، ثم في الإسلام عبد الله، ثم إبراهيم بالمدينة.
وأولاده كلهم من خديجة إلا إبراهيم؛ فإنه من مارية القبطية، وكلهم ماتوا قبله إلا فاطمة فإنها عاشت بعده ستة أشهر].
ذكر المصنف ما تبقى من البنات وهن رقية وأم كلثوم، تزوج رقية عثمان، فماتت عنده، أي: تحته.
ماتت في أيام غزوة بدر؛ ولذلك لم يشهد عثمان رضي الله عنه غزوة بدر لأنه يمرض زوجته رقية، فلما عاد النبي صلى الله عليه وسلم وجدها قد ماتت، ثم زوجه النبي عليه الصلاة والسلام أختها أم كلثوم، ثم ماتت عنده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لقب عثمان بذي النورين؛ لأنه تزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال المؤرخين: إنه لا يوجد أحد من أهل الأرض جمع الله له ابنتي نبي تحت سقف واحد إلا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ثم ذكر فاطمة رضي الله عنها وهي أحب بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه، والإمام الذهبي لما ترجم لها في الأعلام قال: هي البضعة النبوية والجهة المصطفوية.
وكانت أشبه الناس مشية برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام يحبها ويجلها ويعظمها، وإذا دخلت قام لها ويقبلها ويضمها ويقول: (فاطمة بضعة مني، يريبني ما رابها ويضيرني ما أضرها) أو كلمة نحوها.
وأنجب منها علي الحسن والحسين، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يحب الحسن والحسين حباً جماً، وكان يضعهما على كتفيه ويقبل هذا مرة وهذا مرة ويقول: (اللهم إني أحبهما فأحبهما).
وقال: (هما ريحانتاي من الدنيا).
وقطع خطبته وهو على المنبر لما دخلا المسجد ورآهما يمشيان فيعثران، فقطع الخطبة ونزل وحملها ووضعهما بين يديه، ثم جلس إلى الناس وقال: (صدق الله ورسوله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن:15]، لقد نظرت إلى ابني هذين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى نزلت وحملتهما).
ومن الناس خطأ أو جهلاً يتباعد عن أن يسمي أولاده بـ الحسن والحسين، ويقول: إن هذا تقرب من الشيعة، والحق لا يترك إذا تلبس به أهل الباطل، فتسمية الحسن والحسين تسمية نبوية لا يمكن أن تترك لأن أحداً مبغوضاً فعلها.
وكذلك ترك الناس التسمية بأسماء بعض آل البيت كقاسم والعباس وفضل، قلما يوجد هذا بين الناس رغم أنها أسماء لآل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم، والله يقول: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23].
وقد حث النبي عليه الصلاة والسلام على حب آل بيته وعلى نصرتهم وعلى موالاتهم في أحاديث، منها أنه قال: (تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي فإنهما لم يختلفا حتى يردا علي الحوض).
لكن حب آل البيت يكون مميزاً بالضوابط الشرعية، ويكون المؤمن فيهم لا مجاف ولا مغال كما هو ديدن المسلم في سائر أمره، والله أعلم.