وحدثني رجل من بني هاشم عن سعيد بن سلم الباهلي. قال: كنت مع أمير المؤمنين هارون الرشيد في سفر، فسأل عما حمل معه من الثلج، فاستقل ما ذكر له فاغتاظ واحتد، فتركته حتى سكن غربه ثم قلت: يا أمير المؤمنين، إني أقول كلاماً والله ما أريد به ملقاً ولا تنبيهاً على نفسي لأني فطنت إلى ما لم يفطن إليه من سواي، وما أقوله إلا بالنصيحة المحضة. فقال: هات. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك قسمت الدهر شطرين، شطراً للحج، وشطراً للغزو؛ والمسافر يرد على ضروب من المياه، وسفرك أكثر من حضرك، فلو أن أمير المؤمنين عود نفسه الخشونة شيئاً فمتى احتاج إليها لم تنكرها النفس لتلك العادة. قال: فأطرق ثم قال: يا سعيد، بنصح قلت: ولكنا نلبس العافية ما لبستنا، فإن اضطررنا رجعنا إلى أصل غير خوار.
رجع الشعر
مثل السّنان كضوء البدر صورته ... جلد المريرة حرٌّ وابن أحرار
فسوف أبكيك ما ناحت مطوّقةٌ ... وما أضاءت نجوم اللّيل للسّاري
ولن أسالم قوماً كنت حربهم ... حتّى تعود بياضاً حلكة القار
أبلغ خفافاً وعوفاً غير تقصرةٍ ... عميد قومٍ نداءً غير أسرار
والحرب قد سعرت حرباً مذكّرةً ... شهباء تفري بأنيابٍ وأظفار
شدّوا المآزر حتّى تستقيد لكم ... وشمّروا إنّها أيّام تشمار
وابكوا فتى الحيّ لاقته منيّته ... وكلّ نفسٍ إلى وقتٍ ومقدار
كأنّهم يوم راموه بجمعهم ... راموا الشّكيمة من ذي لبدةٍ ضار