يعني: كأني بعير قرم من الإبل قد كوي لداء به، فيقول: أحللت ذاك المحل لقطع ذلك اللحم وكيه، وجعله أحوى الصفحتين، وهما الجنبان، لتتابع الهناء عليه ضناً به والنكيب والأنكب واحد، وهو الحامل، وذلك مما يوصف به الفحل أنه يحمل نشاطاً وتكبراً.

وكانت الخنساء تقول الأبيات اليسيرة، فلما أصيبت بأخيها صخر جدت وأجادت، وجمعت نفسها وشهرت. فمما يستحسن من شعرها قولها في قصيدة أولها: البسيط

يا عين جودي بدمعٍ منك تغزار ... وأبكي لصخرٍ بدمعٍ منك مدرار

وقولها

إنّي أرقت فبتّ اللّيل ساهرةً ... كأنّما كحلت عيني بعوّار

والعوار والعائر سواء، وهو المستأخذ، أشد الرمد وأغلبه، كما قال القائل: البسيط

بأعينٍ لم يصبها عائر الرّمد

وكما قال الراعي: البسيط

غضّاً كما نظر المستأخذ الرّمد

أرعى النّجوم وما كلّفت رعيتها ... وتارةً أتغشّى فضل أطمار

إنّي سمعت فلم أبهج به خبراً ... مخبّراً جاء ينثو جمع أخبار

قالوا: ابن أمّك أمسى في الضّريح وقد ... شدّوا عليه بأعوادٍ وأحجار

اذهب فلا يبعدنك الله من رجلٍ ... ترّاك ضيمٍ وطلاّبٍ بأوتار

قد كنت تحمل قلباً غير مؤتشبٍ ... مركّباً في نصابٍ غير خوّار

الخوار: الضعيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015