عليها من الحزن إذا رأتهم، ثم عزموا عزمةً على المرور بها مرحاً وبغياً. فلما رأتهم ذرفت عيناها وتمثلت: الكامل
لن يلبث القرناء أن يتفرّقوا ... ليلٌ يكرّ عليهم ونهار
فاعتل أحدهم فمات، فغبر الثلاثة لا يقربونها، ثم فعلوا فلما رأتهم تمثلت: السريع
كلّ بني أمٍّ وإن أكثرت ... يوماً يصيرون إلى واحد
فلم يلبث واحد منهم أن مات. وغبر الاثنان لا يقربانها، ثم اجتازا بها على نحو ما فعلوا من المرح والدالة، فلما رأتهما قالت: الوافر
وكلّ أخٍ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلاّ الفرقدان
فمات أحدهما فاجتنبها الباقي دهراً. ثم مر بها فتمثلت: السريع
والواحد الفرد كمن قد مضى ... ليس بمتروكٍ ولا خالد
فقال: أقيليني جعلني الله فداك، فإني والله غير عائد.
قال أبو العباس: وهذان بيتان قديمان لا يعرف قائلهما. ويروى أن أبا بكر الصديق رحمه الله كان ينشدهما، فبعض الناس يقول: هما له: مجزوء الكامل
تنفكّ تسمع ما حيي ... ت بهالكٍ حتّى تكونه
والمرء قد يرجو الرّجا ... ء مغيّباً والموت دونه