وقال يرثي محمد بن عباد بن حبيب بن المهلب: الطويل
محمّد إن آنست منّي جانبا ... بقربٍ لقد أوحشت بالبعد جانبا
وقد عظمت فيك المصائب إنّها ... تصغّر عندي في سواك المصائبا
سلوت به عمّن تقدّم قبله ... وآليت أصفي بعده الودّ صاحبا
ستبكيك أخلاق المروءة إنّها ... مغيّبةٌ ما دمت عنهنّ غائبا
وقال يرثي ابنه سليمان، وكان نفيساً من ولده: الطويل
سليمان والله الّذي أنا عبده ... لقلبي عليلٌ ما بقيت حزين
تقاضاك دهرٌ فاقتضاك بدينه ... وللدّهر في نفسي عليّ ديون
فقرّت عيونٌ كنت شمل جفونها ... وجادت بحزنٍ بالدّماء عيون
فليس على دهرٍ مجيرٌ إذا عدا ... بكرهٍ، ولا خلقٌ عليه معين
دفنت بكفّي بعض نفسي فأصبحت ... لها دافنٌ من نفسها ودفين
فلله ما أعطى ولله ما حوى ... وأحر بأمرٍ كائنٍ سيكون
فيا فجعة الدّنيا بمن شبت بعده ... فسيّان مضنونٌ به وضنين
وقال يرثي صديقاً له يقال له عيسى بن القاسم: الطويل
بكت عين من لم يبك عيسى بن قاسمٍ ... بأربعةٍ حتّى تجفّ نواظره
فتىً غاب عنه أقربوه فلم يكن ... له من يحامي دونه ويؤازره
مررت على ربعٍ له بعد موته ... فباطنه يشكو الخراب وظاهره
تكاد مغانيه تقول لفقده ... لسائلها عن أهله: مات عامره
سلامٌ على الإخوان والعيش بعده ... ومن كنت أصفيه الهوى وأعاشره
ومن كان يسلي الهمّ عنّي حديثه ... إليّ إذا ضاقت بأمري مصادره
فإن أسل عن شيءٍ فما عنه سلوةٌ ... ومهما أضيّعه فإنّي ذاكره