عبدٌ يراك وليّ نع ... مته إلى يوم النّشور
ويراك جابر ما وهى ... من عظمه ذاك الكسير
ويجنّ ودّاً، خبره ... عند العليم به الخبير
قال: وكان الحسن بن وهب يقدم حبيب بن أوس أبا تمام الطائي تقديماً يتجاوز فيه، ولا يرى له في الشعر نداً قديماً فضلاً عن حديث. فأتاه خبر موته بالموصل فرثاه بشعر سلك فيه مثل طريقه، وترك مذهبه في السهولة والبيان وألفاظ الكتاب فقال: الوافر
سقى بالموصل القبر الغريبا ... سحائب ينتحبن له نحيبا
إذا ظلّلنه أطلقن فيه ... شعيب المزن تتبعها شعيبا
الشعيب: المزادة التي يحملها البعير.
ولطّمت البروق لها خدوداً ... وشقّقت الرّعود لها جيوبا
فإنّ تراب ذاك القبر يحوي ... حبيباً كان يدعى لي حبيبا
لبيباً شاعراً فطناً أديبا ... أصيل الرّأي في الجلّى أريبا
إذا شاهدته روّاك ممّا ... يسرّك رقّةً منه وطيبا
أبا تمّامٍ الطّائيّ إنّا ... لقينا بعدك العجب العجيبا
فقدنا منك علقاً لا نرانا ... نصيب له مدى الدّنيا ضريبا
وكنت أخاً لنا يدني إلينا ... ضمير الودّ والنّسب القريبا
وكانت مذحجٌ تطوى علينا ... جميعاً ثمّ تنشرنا شعوبا
فلمّا بنت نكّرت اللّيالي ... قريب الدّار والأقصى الغريبا
وأبدى الدّهر أقبح صفحتيه ... ووجهاً كالحاً جهماً قطوبا
فأحر بأن يطيب الموت فيه ... وأحر، بعيشةٍ ألاّ تطيبا