أقلي الحياة إذا رأيت قصوره ... غبراً خواشع بعد طول بهائها
وجياده قد عرّيت وقبابه ... مختلّةً عرصاتها لخلائها
فقدت مشرّفها الجياد فأصبحت ... تبكيه عند صباحها ومسائها
ففحولهنّ عن الحجور ذواهلٌ ... وحجورهنّ تصدّ عن أفلائها
سقيت على الظّمإ القراح لفقدها ... من كان يعرضها على أسمائها
ولقد تراها والحليب صبوحها ... وغبوقها في قيظها وشتائها
قلعت لترك ركوبها غلمانها ... ولقد ترى ثبتاً على أقرائها
القلع: الذي لا يستقر على سرج.
يا من علا شمس النهار لفقده ... رهج القتام فحال دون ضيائها
إنّ القبور قديمها وحديثها ... لصداك فاضلةٌ على أصدائها
ما حفرةٌ أسنى وأكرم ساكناً ... من حفرةٍ حدروك في أرجائها
إلاّ الّتي أمسى النبيّ محمّدٌ ... فيها فإنّ لتلك فضل سنائها
يا ليت نفسي قبل نفسك غالها ... ريب المنون فحال دون ثوائها
وبقيت ما بقي النّهار لأمّةٍ ... ما إن تملّ عليك طول بكائها
فجعت بسيرتك الرّعيّة بعدما ... أنسيتها الماضين من خلفائها
ألبستها كنفي رؤوفٍ حافظٍ ... حرم الحقوق، موكّلٍ بأدائها
يمشي اليتامى في ذراه كأنّما ... يأوي المبيت بها إلى آبائها
لولا أبنك الكافي الخطوب لأدبرت ... عنّا بقيّة عيشنا برخائها
قال أبو العباس: كتب الحسن بن وهب إلى الأمير محمد ابن عبد الله بن طاهر يعزيه عن مصيبة: