يا ربّ أرملةٍ منهم ومكتهلٍ ... أيتمته وهو مبيضٌّ له الشّعر
لله شمل جميعٍ كان ملتئماً ... أضحى ليوم سعيدٍ وهو منتشر
أمسى لفقدك ظهر الأرض مختشعاً ... بادي الكآبة واختالت بك الحفر
أحياك عمروٌ ولولاه وإخوته ... عفا النّوال فلم يسمع له خبر
ألهمتهم طوعه فانقاد رشدهم ... كلٌّ يراه بحيث السّمع والبصر
كأنّهم كنفاه وهو بينهم ... بدر السّماء حوته الأنجم الزّهر
بنو قتيبة نور الأرض نورهم ... إذا خبا قمرٌ منهم بدا قمر
إذا تشاكهت الأيّام واشتبهت ... أبان أيّامك التّحجيل والغرر
إمّا ثويت فما أبقيت مكرمةً ... إلاّ بكفّيك منها العين والأثر
إنّ اللّيالي والأيّام لو نطقت ... أثنت بآلائك الآصال والبكر
كان النّدى في شهور الحول مقتسماً ... بين البريّة فاغتال النّدى صفر
قال: وكان سعيد عامراً لطرق الخير، عواداً على الأيتام والأرامل، وعلى أبناء المهاجرين والأنصار. وكان حسن العزاء، وكان يقدم من بنيه عمراً وسلماً فأتاه موت ابن له يقال له العباس في يوم مات سلم بحضرته، وكانت ميتة العباس بكرمان، قتله بها الخوارج، فذكر الحسن بن رجاء أنهم دخلوا عليه مع رجاء بن أبي الضحاك ليعزوه عنهما، فرأوا عنده من العزاء ما لو شهده من لم يعرف القصة لظن أنه المعزي.
وحدثني ابن لموسى بن سعيد بن سلم أن سعيداً كان عنده قوم على الطعام في عقب موت سلم، فحدثهم حديثاً ثم قال لهم، واللقمة في يده: حدثني بهذا ابني سلم رحمه الله. ثم وضع اللقمة في فيه.
وقال عبد الصمد فيه: الخفيف
ربّ طفلٍ نعشته بعد يتم ... وفقيرٍ أغنيته بعد عدم
كلّما عضّت الحوادث نادى ... رضي الله عن سعيد بن سلم
وقال عبد الصمد يرثي عمرو بن سعيد بن سلم: الطويل
هريقا دماً إن أنفدت عبرةٌ تجري ... أبى الصّبر أنّ الرّزء جلّ عن الصّبر