قال أبو العباس: وقصدنا في وقتنا هذا لذكر مراث من أشعار المحدثين لننزل بها من خشونة أشعار القدماء إلى لطف المولدين لمشاكلة الدهر وملاحة القول لنمضي من ذلك شيئاً ثم نعود إلى أمرنا الأول إن شاء الله تعالى من أشعار قديمة ومواعظ حكيمة. وبالله الحول والقوة.
قال مسلم بن الوليد يرثي الفضل بن سهل ذا الرئاستين: الطويل
وهلت فلم أمتع عليك بعبرةٍ ... وأكبرت أن ألقى بيومك ناعيا
فلمّا رأيت أنّه لاعج الأسى ... وأن ليس إلاّ الدّمع للحزن شافيا
بعثت لك الأنواح فارتجّ بينها ... نوائح يندبن العلى والمساعيا
أللبأس أم للجود أم لمقاومٍ ... من الملك يزحمن الجبال الرّواسيا
فلم أر إلاّ قبل يومك ضاحكاً ... ولم أر إلاّ بعد يومك باكيا
وقال إبراهيم بن المهدي يرثي ابناً له أصيب به بالبصرة وهو واليها. وكان فيما يؤثر عنه يستحق أن يرثي وأن يوصف، وشعره هذا يستحق أن يبكي القلوب،