وفي الحديث: أن بعض الصحابة رأى شابًّا قويًّا يسرع في عمله، فقال بعضهم: لو كان هذا في سبيل الله، فرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا هذا، فإنه إن كان خرج يسعى على ولد له صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه فهو في سبيل الله"، وإن كان يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان".
وأفضل الأعمال بر الوالدين، سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم: "أي الأعمال أفضل يا رسول الله؟ قال: "الصلاة على مواقيتها": قال: ثم أي؟ قال: برُّ الوالدين، قال: "ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله" "متفق عليه"، بل عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلُّكم على أكبر الكبائر؟ " قلنا بلى يا رسول الله، قال: "الشرك بالله، وعقوق الوالدين"، وكان متكئًا فجلس، فقال: "ألا وقول الزور" "متفق عليه".
ومن البر بهما أن يعلمهما، إن فائتتهما فرصة التعليم، وهنا يجب على الصغار أن يعلموا الكبار ليمحوا أميتهم، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفتدي الأسير بتعليم عشرة من أصحابه، وقد أمر زيد بن ثابت أن يتعلم الرومية والفارسية وهو كبير.
ومن البر أيضًا أن يقرأ عليهما القرآن الكريم، والسنة الشريفة، والعلم، وأن يعينهما على أداء الفرائض والواجبات، وقضاء الديون، وصلة الأرحام، وأن يطيعهما في المعروف، ويستمع إلى رأيهما، فإن إهمالهما يؤدِّي إلى الجحود والنكران، قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ