أنشأ (نور الدين زنكي) أول مدرسة في دمشق، كما أن الأيوبيين وضعوا حدا للحكم الشيعي في مصر وأعادوا مصر إلى السنة، وأنشأوا المدارس التي أشاعت السنة، واستمر إنشاء المدارس بعد سقوط الأيوبيين وقيام المماليك بحكم مصر.
وفي القرن الخامس ظهر ثلاثة من العلماء كانوا قمما في مضمار التربية الإسلامية وتحديد أصولها وأهدافها ووسائلها، منهم علي بن محمد الماوردي (364- 450هـ) ، وأحمد بن علي الخطيب البغدادي (392- 463هـ) ، وأبو حامد الغزالي (450- 505هـ) .
وقد حددوا هدف التربية بأنها إعداد الإنسان للحياة الدنيا والآخرة وتربية العقول؛ إذ إن الهدف من طلب العلوم عند الغزالي هو التقرب إلى الله دون الرياسة والمباهاة والمنافسة.
وأما من الناحية المنهجية فتأتي العلوم الدينية في مقدمة المنهج، ثم العلوم المهنية، ولابد للمتعلم من التزود بثقافة كاملة واطلاع على كل العلوم، ثم التخصص.
وقد قسم الغزالي العلوم إلى علوم محمودة ومذمومة، ولكل منهما أقسام وأحكام.
وسنتحدث بالتفصيل عن ذلك كله عندما نتحدث عن جهود هؤلاء العلماء وإسهاماتهم في ميدان التربية.
وإذا استعرضنا أهم الأمكنة التي قامت بمهمة التربية والتعليم في القرنين الثالث والرابع نجد الجامع الأموي بدمشق، والذي بناه الوليد بن عبد الملك، وكانت حلقات الدرس فيه مختلفة؛ إذ كان للمالكية فيه زاوية وكذلك للشافعية، وكان للخطيب البغدادي حلقة يجتمع الناس إليه ليقرأ لهم دروسا في الحديث، ولم يقتصر المنهج فيه على العلوم الدينية، بل شمل العلوم اللغوية والأدب والحساب والفلك؛ يفدون من كل مكان.
وكذلك جامع المنصور في بغداد، والذي بناه أبو جعفر المنصور، وكان الكسائي يجلس فيه لتدريس علوم اللغة.
والجامع الأزهر الذي أنشأه جوهر الصقلي، واكتمل بناؤه في 361هـ، وأصبح منارة للطلاب من البلاد الإسلامية كلها حيث يدرسون علوم القرآن والسنة.
أما المدرسة النظامية في بغداد فقد تم بناؤها في 459?، وهي تنسب إلى منشئها الوزير العالم الفقيه نظام الملك الذي أنشأ غيرها من المدارس في كل البلاد، وقد درس فيها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي.
أما المدرسة النورية الكبرى بدمشق؛ فقد قال عنها ابن جبير (تبعد تلك المدرسة عن الجامع الأموي بنصف ميل تقريبا، ومساحتها 1500 متر مربع بالتقريب، وبها بيت