خاص لمدرسي المدرسة، وأهم مكان بها قاعة للمحاضرات، وهي قاعة كبيرة تسع عددا كبيرا من الطلاب، وبالمدرسة مسجد مفتوح لمن يرغب في العبادة، وهناك استراحة للمدرسين ومساكن للطلبة المقيمين بالقسم الداخلي، ومسكن لخادم المدرسة، ودورة للمياه ومخزن للأدوات الزائدة بالمدرسة.
ونلاحظ أن محتوى التعليم لم يكن متباينا بين التعليم في المساجد والمدارس، إلا أن المساجد هي أماكن للعبادة ثم التعليم وأمور الناس، بينما المدارس أعدت أساسا للدراسة وإقامة الطلاب المغتربين، وألحقت بها أماكن للصلاة.
أما في القرنين السادس والسابع الهجريين فقد تجمد مفهوم النظرية التربوية، وضعف أمام تلبية حاجات المجتمع؛ وذلك لأسباب عدة: أهمها انتشار التعصب المذهبي بين المذاهب والجماعات والفتن والخصومة، وقد ذكر ابن جبير أن أصحاب كل مذهب كانوا يؤدون صلاتهم منفردين في المسجد الحرام، وكل يحرم للحج من مكان يختلف عن الآخرين، وأدى التعصب إلى ظهور مدارس خاصة بالشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة، وانحصر المنهج فيما يتعصب المذهب إليه، ثم سيطرت الدولة على التعليم لضعف العلماء وذهاب مكانتهم القديمة، واستغلت سلطات الدولة توجيه التعليم لتثبيت أنظمتها وتكريس الولاء لها، وتعيين المشايخ والمدرسين حسب ولائهم، والتخطيط للمناهج التي تدرس وأنواع الكتب1، وحدث الانفصال بين العلوم الدينية والطبيعية.
أما في القرون التالية للقرن الثامن (فلم تتمكن نظرية التربية الإسلامية أن تتحرر من الركود الذي أصابها في الفترة السابقة؛ فأخذت ابتداء من القرن الثامن الهجري في الجمود الذي استمر حتى مطلع القرن الحالي، فلم تعد تتفاعل مع حاجات المجتمع وظروف التطور، وانحسر مفهوم النظرية التربوية ليتخلص من قدرة الخلف على تزويد معارف السلف أو شرحها أو تلخيصها) 2، ثم انحسر لذلك المنهج الذي اقتصر على العلوم الدينية وحدها، والاكتفاء باختصار كتب السلف وشرحها وتدريسها.
وسنتحدث عند تفاصيل هذه الموضوعات التي أجملناها عندما نتحدث عن علماء التربية الإسلامية خلال العصور المختلفة في الأعداد القادمة إن شاء الله.