1- رواة من التابعين من أمثال عكرمة ومجاهد وابن أبي رباح ممن رووا عن عبد الله بن عباس، ولم يتعد التفسير آنذاك الاقتصار على المعاني اللغوية، أما استنباط الأحكام فقد ارتبط بالحركة الفقهية وظهور المذاهب الدينية.
2- أما مادة الحديث: فكانت العناية به - كما قلنا - منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن تدوينه لم يكن يدوّن منه إلا القليل، وكان أغلبها في صدور الرجال، مما جعل علم الحديث يتعرض إلى كثير من الوضع، وأشهر من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم أبو هريرة وعائشة وابن عمر وابن عباس وجابر وأنس بن مالك، ولكن الحديث بصورته التي وصلت إلينا لم يدون في القرن الأول، وقد فكر سيدنا عمر بن الخطاب في تدوينه إلا أنه لم يفعل، حتى جاء سيدنا عمر بن عبد العزيز فكتب إلى عماله يطلب جمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكر البخاري أن أول من جمع الأحاديث الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة، كما صنف فيه مالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام وسفيان الثوري بالكوفة، وغيرهم ممن صنفوا في الحديث.
3- أما اللغة فقد أدت الفتوحات الإسلامية إلى انتشار اللغة العربية في البلاد التي دخل أهلها الإسلام، والعوامل التي نتجت من اختلاط العرب بغيرهم إلى ظهور اللحن في اللغة، والحاجة إلى علم يضبط قواعد اللغة ويحفظها ويتعلمه الناس، (وهجر الأمم لغاتهم وألسنتهم في جميع الأمصار والممالك، وصار اللسان العربي لسانهم، حتى رسخ ذلك لغة في جميع أمصارهم ومدنهم، وصارت الألسنة العجمية دخيلة فيها وغريبة، ثم فسد اللسان العربي بمخالطتها في بعض أحكامه وتغير أواخره، وإن كان يغني في الدلالات على أصله، وسمي لسانا حضريا في جميع أمصار الإسلام) 1.
وقد ذكرنا أن المساجد كانت أمكنة للتعليم كما هي للعبادة والقضاء والتخطيط للحرب ونشر الدعوة، واستمر الحال على ذلك في القرن الثاني للهجرة أيضا، واشتهر من المساجد إلى جانب الحرمين الشريفين جامع المنصور في بغداد، وجامع دمشق الذي بناه الوليد بن عبد الملك، وجامع عمرو بن العاص في مصر والذي بني عام 21?.
ولم تقتصر الدراسة فيها على العلوم الدينية بل شملت العلوم اللغوية والأدبية.
أما الكتاتيب - والكلمة مأخوذة من التكتيب وتعليم الكتابة - فقد اقتصرت على تعليم الكتابة والقراءة، ولم تظهر في العهد الأول للإسلام؛ فقد كان التعليم من واجب الآباء والمعلمين الخصوصيين، ووصية سيدنا عمر تدل على ذلك، ولم