التلميذ في المدرسة لعدد من المؤثرات, لعل أهمها المدرس, ثم إدارة المدرسة، ثم الطلاب والمناهج الدراسية والنشاطات المدرسية، ومما لا شك فيه أن الاختيار السليم للعناصر البشرية التي يتعامل معها طالب من الأهمية بمكان, وعلى قدر صلاحهم وحسن سلوكهم يكون صلاح الطلاب وتميزهم بالخلق القويم.
ويلي المنهج الدراسي اختيار المدرس في الأهمية، حيث إن المنهج أساس العملية التعليمية، ومن ثم يتوقف نجاح العملية التعليمية على مدى كفاءة المنهج وحسن تطبيقه، ولما كانت المدرسة تولي العملية التعليمية اهتماما أكبر من العملية التربوية, حيث يقاس مستوى المدرسة بمقياس التحصيل العلمي للتلاميذ, فلا مناص من الاعتماد الأساسي على البيت كمصدر للتربية الأصلية بالإضافة إلى الوسائط الأخرى.
3- المسجد:
يتمتع المسجد بمنزلة كبرى في تاريخ الإسلام, وفي الحياة الإسلامية بوجه عام, فمهمة المسجد تحقيق رسالة الإسلام الكبرى, وهي عبادة الله عز وجل بمعناها الشامل، فالمسجد يعد المدرسة الأولى في الإسلام.
وقد ازدهر دور المسجد في مهد الدعوة الإسلامية, وفي عهد الخلفاء الراشدين، ثم أخذ دوره يتضاءل تدريجيا, حتى أصبح الآن مكانا للعبادة فقط، وعلى الرغم من ذلك فطالما يجد المسلم فيه فرصة تربية النفس, والتأسي بالأخلاق الفاضلة والآداب وحسن السلوك التي يجدها في بعض من يؤمون المسجد، وفي بيت الله يختلط المسلم بفئات مختلفة من البشر, وربما يأنس بهم, ويلتمس عندهم النصح والإرشاد والمشورة وسبيل الهداية.
وفي المسجد يتحاور المسلمون ويتناقشون ويطرحون المشكلات الدينية التي تواجه المسلمين، وهم في كل ذلك يعملون الفكر, ويشحذون القريحة, ويبحثون عن الحلول, فتثرى خبراتهم وتزكو ثقافتهم وتتسع مداركهم، وقد يجدون فيما يسمعون سبيلا إلى تعديل سلوكهم وتغيير نظرتهم إلى الأمور واتباع جادة الصواب.