ويمكن للمسجد أن يعيد سيرته الأولى, وأن يسهم في التربية إسهاما كبيرا إذا ما ارتبط به الطفل في وقت مبكر من سني حياته، وإذا ما كان إمام المسجد ذا ثقافة دينية متميزة وثقافة عامة واسعة, وكان ذا سمعة طيبة وحجة قوية وقدرة كبيرة على الإقناع، حاضر البديهة, رحب الصدر، وإذا ما زود المسجد بمكتبة إسلامية مناسبة تجذب الناس إلى القراءة والاطلاع، وإذا ما أدى المسجد بعض الخدمات المحببة إلى المسلمين, والتي تعود عليهم بالنفع والفائدة، وإذا ما رأى المسلم فيمن يؤمون بالمسجد نماذج طيبة وقدوة حسنة، وإذا ما أعد المسجد إعدادا حسنا من الناحية الإدارية كأن يكون نظيفا, سليم الجدران, ذا سعة مناسبة.
4- الرفاق والأصدقاء:
يعد الرفاق والأصدقاء وسطا تربويا ذا تأثير قوي وفعال على النشء, فالطفل يؤثر في نظيره، والأنداد يميل بعضهم إلى بعض، وقد تؤثر جماعة في جماعة أخرى, فتتألف الجماعتان وترتبطان ارتباطا وثيقا, وقد يتوافق الأقران في الميول والاتجاهات والرغبات, فيتألفون، وفي الحديث الشريف: "الأرواح جنود مجندة ما توافق منها ائتلف وما تنافر منها اختلف".
وكثيرا ما يختلط الفرد بأكثر من جماعة، فله في المدرسة أصدقاء وفي الحي الذي يقطنه له أصدقاء، وفي النادي له أصدقاء، وقد يكون له أصدقاء من أقاربه ومعارف أسرته، وقد يكون الفرد زاهدا في الأصداقاء ومنطويا على نفسه, فلا يجد إلا أسرته وبعض من يثق بهم، وحتى تكون التربية سليمة والصداقة مفيدة وجب على الأسرة أن تنتقي الصديق الطيب الذي يصاحب ابنها، وأن تلاحظ سلوك أقرانه وتصرفاتهم, حتى تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح, وتصحح المسار إذا ما بدا انحرافهم عن الطريق السوي، وأن تكون الشريعة الإسلامية الغراء هي الفيصل في كل الموضوعات والمشكلات التي تواجه الأقران، وأن يكون أحد أفراد الأسرة مرشدا وناصحا لهم فيما يصادفهم من مشكلات يتعذر عليهم حلها