وتعنى التربية الإسلامية بغرس الأخلاق الحميدة في الإنسان، وهي تضع مبادئ وقواعد مستنبطة أساسا من القرآن الكريم والسنة الشريفة لتنظيم السلوك الإنساني على نحو يحقق الغاية من وجود الإنسان.
والأخلاق في التربية الإسلامية ذات طابعين: طابع إلهي وطابع إنساني، ويقصد بالطابع الإلهي أنها من عند الله ويراد بها وجه الله. فينبغي أن يلتزم الإنسان بما جاء من عند الله ويطبقه في حياته إذا أراد الصلاح في الدنيا والفلاح والنجاة في الآخرة. والتربية الإسلامية ذات طابع إنساني؛ إذ إنها تضع القواعد العامة لهذا النظام الأخلاقي وتترك للإنسان الحرية في تحديد أسلوب وطريقة التطبيق بحسب الظروف ومتطلبات الحياة. ومن هنا يتضح لنا أن الأخلاق في الإسلام "تعني التمسك بالخير والبعد عن الشر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والالتزام بكل ما هو فضيلة والابتعاد عن كل ما هو رذيلة لتحقيق الهدف الأسمى وهو عبادة الله سبحانه وتعالى"1.
إن صاحب الخلق الحسن هو الذي يبذل ماله وجهده ووقته ونصيحته ومحبته لأخيه المسلم ابتغاء وجه الله لا يريد بذلك جزاء ولا شكرا؛ امتثالا لقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" 2.
وصاحب الخلق الرفيع هو الذي يكف عن أخيه جميع أنواع الأذى فلا يغتابه في غيبته ولا يؤذيه في حضرته، مقتديا بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده". وهو الذي يلقى أخاه بوجه باسم مستبشر مغتبطا برؤيته، متأسيا بقول الرسول الكريم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة". فالأخلاق ليست نظريات ومثل عليا فحسب، بل فيها جانب التطبيق أيضًا، فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حث أمته على مراعاة الخلق الحسن في كل عمل فقال: "ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق" 3.