فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} . وغني عن القول أن المؤمن سيسعى غاية جهده وسيبذل كل طاقته كي يكون عمله على مستوى عالٍ من الاتقان والجودة بما يتفق وجلال الرؤية الإلهية ورؤية الرسول -صلى الله عليه وسلم- ورؤية سائر المؤمنين.
والإسلام يحث المسلمين على العمل ويطالب بالعمل كل من يقدر عليه. {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ، وأن للإنسان ما سعى والعبادة في الإسلام ليست مجرد إقامة الشعائر الدينية، وإنما هي كل نشاط يتجه به الإنسان إلى الله، فكل عمل من أعمال الخير عبادة، ويؤكد ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكن كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل، الصائم النهار" 1. إن العبادات في الإسلام تتضمن كل سلوك المسلم، وكل ما يقوم به المسلم من عمل نافع عبادة. وتقوم فلسفة الإسلام في العمل على الإفادة، إفادة الفرد، وإفادة المجتمع، وإفادة الكون بمن فيه. والعمل الصالح له ثواب عند الله2. والمجتمع الإسلامي الأصيل مجتمع عامل يوجه طاقته إلى البناء والتعمير ويوقف جهوده على فعل الخير وترقية المجتمع.
يتضح من العرض السابق أن التربية الإسلامية تربية متفردة ومتميزة عما سواها لأنها تستند إلى دستور سماوي صادر من الله سبحانه وتعالى، وأنها تقوم على دين أحاط بكل ما يتصل بالإنسان ووجهه إلى التربية الإلهية التي تسمو بكيان الإنسان كله. فالإسلام يهتم بالدنيا والآخرة وبالنفس والجسد ويحث على التحلي بالأخلاق الفاضلة واتباع القيم العليا والأنظمة الصالحة التي تنظم علائق الناس بعضهم ببعض، والتربية الإسلامية تعنى بتربية الفرد والجماعة، فهي تهتم بتنشئة الفرد الصالح والمجتمع الصالح المتراحم، ومثله في تراحمه كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر