حدث للتعليم الإسلامي وهو التطور في المضمون فمن المعروف أن التعليم الإسلامي بدأ بالعلوم النقلية وهي علوم القرآن الكريم وما يتصل بها من تفسير وفقه وعبادات ثم أضيفت إليها علوم اللغة واللسان باعتبارها علوما مساعدة لفهم العلوم النقلية ومعرفتها. وفيما بعد دخلت العلوم العقلية من رياضيات وطب وكيمياء وفلك وفلسفة وغيرها. وقد تطورت هذه العلوم وتنوعت نتيجة للتقدم المعرفي الهائل الذي شهده العالم. وينبغي ألا يكون لدينا أي تخوف من الاستفادة من هذه العلوم ما دامت هي مصدر قوة للمسلمين. وما دامت تعمق فهمنا للدين وتمكننا من السيطرة على الكون ومعرفة قوانينه التي تدل على عظمة الخالق عز وجل. كما تساعدنا هذه العلوم أيضا على تعمير الأرض واستغلال ثرواتها وخيراتها التي خلقها الله لنا.
لقد جعل الله الإنسان خليفته على الأرض وأمره بأن يسكنها ويعمرها ويستفيد من خيراتها ورزقها. وفضل الله الإنسان على كثير من خلقه ووهبه هذا العقل الذي يستطيع أن يتميز به عن سائر المخلوقات. وهو مطالب بأن يستخدم هذا العقل وأن يسخره في أداء الرسالة التي كلف بها على الأرض. وهكذا نعتبر كل العلوم علوما إسلامية ما دامت تزيد من فهمنا لديننا وتعمق إيماننا بربنا وتمكننا من الاستفادة من نعم الله التي خلقها لنا في الكون.
بيد أن أهم نقاط الضعف التي جعلت تعليمنا المعاصر يبتعد عن أصالته الإسلامية تتمثل في أن تدريس العلوم العقلية المختلفة يفتقر إلى توجيهه الوجهه الإسلامية الصحيحة. فهذه العلوم تدرس موضوعاتها عادة على أن معرفتها هدف في حد ذاتها ولهذا نجد أنه لا فرق بين تدريس هذه المواد في مدارسنا ومدارس غيرنا اللهم إلا في كونها مكتوبة بلسان عربي.
وعلينا إذا أردنا أن نؤصل هذه العلوم العقلية أن نوجه تدريسها وجهة إسلامية. وهذا يعني أن يتمشى تدريسها مع الأهداف التي تسعى التربية الإسلامية إلى تحقيقها. ومن ثم يجب أن تدرس هذه العلوم لبيان عظمة الخالق عز وجل وترسيخ إيماننا به وإحكام سيطرتنا على الطبيعة والكون واستغلال ثرواتها ولكن ماذا عن النظريات العلمية التي لا تتمشى مع الفكر الإسلامي كنظرية