التطور مثلا أو نظرية النشوء والارتقاء؟ ... هل نمنع تدريسها في مدارسنا؟
الواقع أنه ينبغي ألا يكون هناك مجال لمثل هذه النظريات في المراحل الأولى من التعليم. وربما جاز لنا تدريس بعض هذه النظريات في المرحلة الأخيرة من التعليم الثانوي. ويكون تدريسها بهدف نقدها في ضوء النظرية الإسلامية وإبراز نقاط الضعف فيها. أما في التعليم الجامعي والعالي فالمجال يتسع لنقد المذاهب الفكرية أو النظريات العلمية المغايرة. بحيث يكون الطالب أكثر نضجا وأكثر إيمانا بدينه وعقيدته. ولنا في سلفنا الصالح أسوة حسنة. فجمال الدين الأفغاني على سبيل المثال ألف رسالة في الرد على الدهريين وانتقد فيها نظرية دارون ولامارك في التطور. ولقد أردت بهذا المثال أن أؤكد على ألا يحجر على عقول الشباب المسلم بحجة عصمته وحمايته، وإنما ينبغي أن نحرر فكره من الجمود في ظل إيمان لا يتزعزع وعقيدة إسلامية راسخة. وهذا يتطلب ضرورة العناية باختيار موضوعات المناهج الدراسية الإسلامية الصحيحة التي تخدم أغراض التربية الإسلامية كما سبق أن أشرنا. ويجب على من يتصدى لهذا العمل أن يكون على حظ كبير من المعرفة بأمر دينه. وعقيدته إلى جانب تخصصه العلمي. وأن يكون قادرا على توجيه تخصصه وجهة إسلامية صحيحة، ومع أن تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل كما يبدو فإنني أعتقد أن هذا هو الطريق الصحيح لتأصيل تعليمنا الإسلامي.
وهناك نقطة ضعف أخرى جعلت تعليمنا الإسلامي يبتعد عن أصالته الإسلامية. وهي تتمثل في قلة عنايته بالعلوم الدينية وعدم إعطائها المكانة التي تستحقها بل وعدم تقديمها في أسلوب محبب إلى النفس وبصورة يجد فيها المتعلم مجالا كبيرا للاستفادة منها وتطبيقها في حياته ... إن افتقار الناحية الوظيفية في برامج التربية الدينية والعلوم الإسلامية في مدراسنا من أكبر عوامل هدمها ونفور التلاميذ منها. ولهذا إذا أردنا أن نؤصل هذا الجانب في تعليمنا الإسلامي والتجديد، فإلى أي حد يكون التجديد في نطاق الأصالة وإلى أي حد نمتد بالأصالة في نطاق التجديد؟ إن حل هذه المعادلة يستند إلى روح الإسلام الحقة التي تقوم على التوسط والاعتدال. فخير الأمور الوسط {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ