بالتقوى وصالح العمل. والناس كأسنان المشط في المساواة. والمسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة. ومع أن دعوى القومية العربية غريبة عن روح الإسلام فإنها في العصور الحديثة إلى العالم العربي تحت تأثير عاملين رئيسيين:
العامل الأول: هو سياسة التمييز الديني الذي سارت عليه السياسة التركية العثمانية، وعاملت المسيحيين العرب واليهود العرب معاملة الأقليات الأجانب، وعلى هذا كان من حقهم إنشاء المدارس الخاصة بهم لتعليم أبنائهم باللغة العربية في حين عومل المسلمون العرب معاملة باقي أرجاء الخلافة. فكان تعليمهم يسير على نظام المدارس التركية. وكانت اللغة التركية هي اللغة الرسمية للاتصال والتعليم معا. فاستعجمت العربية في عقر دارها وعاشت كلغة هامشية. وكان تأثير كل هذا أن ظهر بين المسيحيين واليهود من العرب من قاد حركة الثقافة الفكرية العربية خلال القرنين 19، 20، كما أن المسيحيين العرب كان عليهم أن يجدوا لأنفسهم ما يربطهم بهذا الوطن العربي الذي عاش عليه أجدادهم في حين أن تركيا تنظر إليهم كأغراب فيه. ووجد هؤلاء المسيحيون في الدعوة إلى القومية العربية ما يحقق انتماءهم إلى وطنهم العربي ويربطهم به.
العامل الثاني: نمو الحركة القومية في أوربا بصورة متزايدة خلال القرن التاسع عشر تحت تأثير من فكر هيجل أن الأمة المثالية هي التي تنتمي إلى قومية واحدة. ووجد المسيحيون العرب في هذه الدعوى ضالتهم المنشودة التي تجعل منهم مواطنين لا رعايا في أوطانهم. وارتبطت هذه الحركة القومية عند المسيحيين العرب بتعريب الكنائس العربية واستخدام اللغة العربية في الصلوات والطقوس والترانيم.
وكانت المحصلة النهائية لكل هذه الدعوات المختلفة إضافة المزيد من التناقضات التي تعمق من فرقة العالم الإسلامي. وعندما نسأل أنفسنا: من نحن؟ لا نجد إجابة واحدة.
وتجديد الفكر الإسلامي لا بد أن يضع في اعتباره العمل على تخليصنا من التناقضات الثقافية والفكرية. وحتى يتم ذلك ستظل الكتابة عن التربية