الإسلامية تبحث لنفسها عن مخرج، وعندما نطرح سؤالا عن أهداف التربية الإسلامية أو العربية فكيف تكون إجابتنا عن هذا السؤال في ظل كل تلك التناقضات؟
وكيف نستطيع إذًا أن نحدد منطلقاتنا الرئيسية للعمل التربوي الجاد ونحن نواجه منذ البداية بهذه الصعوبات. إن أمامنا عملا كبيرا يتطلب جهودا مخلصة متضافرة تعمل على دفع حركة الفكر الإسلامي في تيارها الصحيح بما يمكن الباحثين من العمل الإيجابي الهادف البناء سواء في ميدان التربية الإسلامية أو غيرها من الميادين.
سادسا: أن البلاد العربية في محاولة تجديد أوصالها والنهوض من كبوتها في العصور الحديثة اعتمدت على اقتباس النظم التعليمية من الغرب فأنشأت المدارس الحديثة على النظام الأوربي، وتركت مؤسسات التعليم الإسلامي على حالها حتى انطفأت تدريجيا. وهكذا نشأ نظام تعليمي جديد عرف بنظام التعليم الحديث تمييزا له عن النظام التعليمي القديم أو التقليدي كما يشار إليه أحيانا.
وقد ترتب على ذلك وجوه ثنائية تعليمية بين النظامين انتهت بغلبة النظام الجديد وذبول أو اندثار النظام القديم، بل إن ما بقي من مؤسسات تعليمية إسلامية كالأزهر مثلا قد أدخل عليه تطوير كبير في أول الستينيات من هذا القرن غير كثيرا من صورته السابقة. والمشكلة التي تتحدى عصرية الكتابة عن التربية الإسلامية أو الوضع الراهن لها تتمثل في عدم وجود مؤسسات أو نظم واضحة لها وجود في العالم الإسلامي يمكن أن نطلق عليها مؤسسات تعليمية إسلامية. وبمعنى آخر إذا أردنا أن نتكلم الآن عن مؤسسات التربية الإسلامية في البلاد العربية، فعن أية مؤسسات نتكلم؟ لقد كان ذلك وما زال مصدر حيرة لمؤلف هذا الكتاب. ففي طبعته الأولى كان هناك فصل عن التعليم في البلاد العربية في العصور الحديثة، ثم صدرت الطبعات التالية للكتاب بدون هذا الفصل. وما زال التساؤل قائما. وقد وجهته لبعض قمم علماء المسلمين المعاصرين ممن أعرفهم ولم أخرج بإجابة شافية.