مخلوق على الأرض؟
إن الإنسانية ضد الحيوانية والبهيمية ولا يجوز في الفكر الإسلامي الصحيح أن نجري وراء أرسطو أو داروين أو سبنسر أو غيرهم لنعتبر الإنسان من صنف الحيوان ثم نضفي عليه بعد ذلك الصفات الأخرى من العقلانية أو الاجتماعية أو غيرها. إن الإنسان جنس من صنف الأجناس التي خلقها الله. وهو مميز بذاته وكرمه الله على كثير من خلقه وجعله خليفته على الأرض. وقد يقال مثلا إن الحيوانية من الحياة، ومن ثم فوصف الإنسان بأنه حيوان يعني أن به حياة. وأنا أعتقد أن هذا المعنى هو آخر ما يتوارد على عقولنا عندما نصف الإنسان بذلك. إن ما أقصده هنا هو وضع الأمور في إطارها الصحيح وفي منظورها الإسلامي السليم دون تمحك أو تكلف في التخريج.
خامسا: أن محاولات تجديد الفكر الإسلامي في العصور الحديثة لم تصل إلى غاياتها ولم تستطع أن تصل حاضر المسلمين المتخلف المؤسف بماضيهم التليد الزاهر، فقد خيم على العالم الإسلامي فترة ركود فكري وثقافي امتدت عبر قرون طويلة، وبدأت بخطوات سريعة منذ تدمير المغول لحضارة الإسلام ودار السلام في بغداد ثم ما تلا ذلك من فترة الحكم التركي العثماني. فالذي لا شك فيه أن السياسة التركية العثمانية قد أدت إلى ظهور تيارات ثقافية مختلفة وفكرية متباينة في العالم العربي والإسلامي وخلقت أوضاعا غريبة.
ففي ظل الحكم التركي العثماني ظهرت الدعوات الشعوبية كالدعوة الطورانية أو الجامعة التركية التي كانت ترمي إلى سلخ تركيا عن الإسلام والبعد عن الجامعة الإسلامية التي دعا إليها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده. وظهرت أيضا الدعوة الفرعونية في مصر والفينيقية في الشام والآشورية في العراق والبربرية في المغرب وهكذا.
وفي ظل هذه البلبلة الفكرية كان هناك أيضا الدعوة إلى القومية العربية في مقابل الأمة الإسلامية. فمن المعروف أن لا شعوبية في الإسلام، والإسلام للناس كافة ولكل شعوب الأرض على اختلاف شاكلتهم وألوانهم وأجناسهم. وقد حسمت هذه الدعوى الشعوبية منذ فجر الإسلام فلا فضل لعربي على عجمي إلا