مدني بالطبع" على أنها لابن خلدون مع أنها ترددت قبله بما يزيد عن ثلاثة قرون ونصف عند ابن مسكويه في تهذيب الأخلاق، وعند الماوردي في أدب الدنيا والدين والأصفهاني في الذريعة.
الجانب الثاني: تحديد الأصيل والدخيل على الفكر الإسلامي فيما يرد على لسان العلماء من آراء:
وهذه نقطة على جانب كبير من الأهمية سواء بالنسبة لموضوع التربية الإسلامية أو غيرها من جوانب الفكر الإسلامي عامة. إن كثيرا من الآراء الغريبة قد دخلت إلى الفكر الإسلامي على ألسنة العلماء المسلمين أنفسهم وفي ظل قوة سلطانهم. خذ كلام فلاسفة المسلمين عن النفس والعقل وهو موضوع ألصق ما يكون بفلسفة التربية الإسلامية تجد أن معظم ما يوردونه يمثل آراء فلاسفة الإغريق. وبعض علماء المسلمين يقسمون المنهج المدرسي إلى علوم إسلامية هي العلوم النقلية واللسانية، وعلوم غير إسلامية هي العلوم العقلية. فهل هذا تقسيم مقبول؟ أليست كل العلوم علوما إسلامية ما دامت في الحدود التي رسمها لنا الله؟
وقد يصل الخلط أحيانا إلى تشويه ما هو إسلامي خالص بخلطه عن غير وعي وإدراك بمتشابهات غير إسلامية. مثلا نردد كثيرا أن الإسلام هو دين التوسط والاعتدال. وهذا الكلام إسلامي خالص، ثم قد نتبع ذلك بالقول بأن الفضيلة توسط بين ذيلتين فالشجاعة فضيلة تتوسط الجبن والتهور، وأن علاج الرذيلة يكون بالمبالغة في ضدها حتى يحصل التوسط فعلاج الجبن الإسراف في الشجاعة وعلاج البخل الإسراف في الكرم. هذا الكلام غير إسلامي لأنه تردد على ألسنة فلاسفة الإغريق من قبل وعلى رأسهم أفلاطون وأرسطو.
وقد نردد أيضا عبارات مثل الإنسان حيوان عاقل أو مفكر ناطق أو غيرها.. ووصف الإنسان بالحيوان أو ما جاء على لسان أرسطو. ومثل هذا الوصف غريب على الفكر الإسلامي. والمصدران الرئيسيان للإسلام لم يصفا الإنسان بهذا الوصف، بل إنهما كرما الإنسان غاية التكريم، وجعله الله خليفته في الأرض وفضله على كثير من خلقه. ألم يصف الغزالي الإنسان بأنه أشرف