كقول الشاعر:
وما أدري وسوف أخال أدري ... أقوم أل حصن أم نساء
وفعل ذلك أيضا بـ"قد" كقول الشاعر:
لقد أرسلوني في الكواعب راعياً ... فقد- وأبي- راعي الكواعب أفرس
أراد: فقد أفرس راعي الكواعب وحق أبي فسكن الياء, وفصل.
واحتج قوم على الخليل بأن قالوا: لما كان التنكير مدلولاً عليه بحرف واحد- وهو التنوين- كصة ومه وجب كون التعريف مدلولاً عليه بحرف واحد- وهو اللام- لأن الشيء يحمل على ضده كما يحمل على نظيره.
وهذا ضعيف جدا لأن الضدين قد يتفقان في العبارة مطلقاً كصعب يصعب صعوبة فهو صعب, وسهل يسهل سهولة فهو سها, وقد يختلفان مطلقاً كشبع شعباً فهو شبعان وجاع جوعاً فهو جائع وقد يتفقان من وجه ويختلفان مكن وجه, كرضي رضا فهو راض وسخط سخطاً فهو ساخط, والاختلاف أولى بهما ليكون سبيلهما في المعنى واللفظ واحداً. إن سلم حمل الشيء على ضده فبشرط تعذر حمله على نده فقد أمكن ما يحمل عليه, فتعين الجنوح إليه.
ونقول: التعريف نظير التأنيث في الفرعية فاشتركا في استحقاق علامة, والتنكير نظير التذكير في الأصالة فينبغي أن يشتركا في الخلو من علامة, فإن وضع للتنكير علامة فحقها أن تنقص عن علامة التعريف تنبيهاً