وتعدى الفعل المسند إلى الضمير المرفوع المتصل إلى ضميره المنصوب المتصل لأن ذلك جائز في باب "ظننت" وأخواتها, فتقول: أرأيتك منطلقا, كما تقول: أعلمتك ذاهبا, أي: أعلمت نفسك, ورأيتك ذاهبة, وأر أيتماكما ذاهبين, وأر أيتموكم ذاهبين, وأرأيتنكن ذاهبات.

وإن ضمنت "أرأيت" معنى "أخبرني", فصارت لا تدل على الاستفهام, ولا تقتضي جوابا, فيجوز أن تتصل بها كاف الخطاب. وفي المسألة إذ ذاك ثلاثة مذاهب:

أحدها: مذهب البصريين, وهو أن الفاعل بهذا الفعل هو التاء, وهذا معنى قول المصنف "وليس الإسناد مزالا عن التاء", ويبقى هذا الفاعل مفردا مذكرا, ودائما, وتظهر علامات الفروع في كاف الخطاب, فتقول: أرأيتك وأرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم وأرأيتكن. وليس لحرف الخطاب موضع من الإعراب؛ لأنها حروف تمحضت للخطاب كما تمحضت في "ذلك" وفروعه.

والمذهب الثاني: مذهب الفراء, وهو الذي أشار إليه المصنف بقوله "خلافا للفراء", وذلك أن الفراء ذهب إلى أن التاء حرف خطاب, وليست اسما, كما نذهب نحن إليه في التاء في "أنت", وأن الكاف هي الفاعل, فالفعل مسند إليها, وذلك أن التاء لما تجردت للخطاب, وأفردت له, لم يجز أن تكون مرفوعة لإفرادها, لأن التاء إذا كانت ضميرا لم تفرد مذكرة لمثنى ومجموع ومؤنث, بل تطابق ما كانت ضميرا له, فدل ذلك على سلب الاسمية منها, ولما ظهرت المطابقة في الكاف ادعينا أنها هي المسند إليها الفعل على جهة الفاعلية, ولما لم يمكن أن تطابق بضمير الرفع لقلق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015