وما ذكره أبو زيد من التعظيم لا يسوغ وضع الاسم الذي هو لما لا يعقل على من يعقل، والإبهام مقصد من مقاصد التعظيم، لكن ما ينبغي أن يكون ذلك الإبهام الذي يقصد به التعظيم مخرجًا للفظ عما وضع له.
وزعم المعري في "اللامع" له أنه إذا كان لا تدرك صفته، ولا تعلم حقيقته يجعل كالشيء المجهول فينطلق عليه "ما". وحمل على ذلك "سبحان ما سبح الرعد بحمده" أي: سبحان الذي سبح الرعد بحمده، وقد تقدم تأويل هذا.
والذي صححه أصحابنا أن "ما" لا تقع على آحاد أولي العلم إلا في موضعين:
أحدهما: الاستثبات عمن يفعل إذا لم تفهم الاسم؛ لأنك في الحقيقة لم تستثبت عن عاقل؛ ألا ترى أنه إذا قال: جاءني زيد، فلم تفهم الاسم، فاستثبته، وقلت: جاء مه؟ ففي الحقيقة لم تستثبت عن زيد لأنك لم تعلم أزيدًا قال أم غير ذلك، وإنما استثبت عن الفاعل من حيث هو فاعل.
والآخر: الاستفهام بها عن صفات من يعقل؛ ألا ترى أنك تقول: ما زيد؟ فيقول لك المسئول: كاتب أو عالم، فهي وإن كانت في الظاهر واقعة على كاتب أو غير ذلك من صفات زيد، و"كاتب" اسم واقع على من يعقل، فليست في الحقيقة واقعة على عاقل؛ لأنك إنما سألت بها عن صفة من يعقل، والصفة ليست من جنس العقلاء؛ ألا ترى أنك إذا قلت: ما زيدٌ؟