وقوله خلافًا لقطرب، زعم قطرب وغيره أن "من" تقع على ما لا يعقل عمومًا دون اشتراط ما ذكر، واستدل بقوله تعالى {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ}، قال: يعني بذلك الأوثان والأصنام. ولا حجة في ذلك كما بينا لاشتراك العاقل وغير العاقل في (من لا يخلق) إذ قد عبد من دون الله من يعقل/ ومن لا يعقل، أو لتنزيلها منزلة من يعقل إذ عبدت من دون الله، أو لاعتقاد من عبدها أنها عاقلة فعالة. فهذه الوجوه كلها يحتمل قوله {كَمَن لاَّ يَخْلُقُ}، فلا دليل على أنها تقع على آحاد ما لا يعقل.
وقوله و"ما" في الغالب لما لا يعقل قال المصنف في الشرح: "احترزت بقولي "في الغالب" من نحو قوله تعالى {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، ومن قول بعض العرب: سبحان ما سخركن لنا" انتهى. ويعني أنها في قليل تطلق على آحاد ذوي العلم كما أطلقت في قوله "لما خلقت" على آدم، وفي "ما سخركن" على الله تعالى.