وعلة ذلك عند الكسائي والفراء أن في "أحب" و "أراد" ضميرًا مرفوعًا، والمرفوع لا يُنوي به التأخير لأنه في موضعه. وحجة البصريين أن المضمر المرفوع متصلٌ بالمنصوب، والمنصوب ينوى به التأخير، فليس اتصال المرفوع به مما يمنعه عما يجوز فيه بإجماع.
فإن كان العامل/ مقدمًا جازت المسائل عند الكسائي والفراء، فتقول: أخذ ما أراد زيدٌ. قال ابن كيسان: وكان ينبغي أن لا يجوز عندهما في حال؛ لأن احتجاجهما من أجل الضمير، فالعلة واحدة.
وقال ابن كيسان: ينبغي على قولهما أن يكون "أخذ ما أراد زيدٌ" أقبح من قولهم: ما أراد أخذ زيدٌ، لأنك لا تجعل "ما" إذا كانت مُقدمة إلا بعد "زيد"، وإذا كانت بين الفعل وبين "زيد" فقد وقعت موقعًا لا تريد به التقديم والتأخير، فينبغي أن لا يجيزوا: ضرب زيدًا أبوه؛ لأنه على نية التقديم والتأخير.
قال ابن كيسان: وقلنا لهم - يعني الكوفيين -: لم أبيتموه وأنتم تجيزون: إرادته أخذ زيدٌ؟ قالوا: الضمير إذا كان بالهاء كان كبعض حروف الاسم، وإذا كان منفصلًا من المنصوب فإنما هو غير تابع له. قيل لهم: هو في التوسط كذلك. وأجاز الكسائي وأصحابه: ما أراد زيدٌ أخذ، و"ما" في موضع نصب بأخذ، وفي أخذ ضمير زيد. ومثل هذا: ثوب أخويك يلبسان انتهى كلام ابن كيسان.
وأما قوله: "شتى تؤوب الحلبة" فشتى: حال، وفيها ضمير يعود على الحلبة. وهذا لا يجوز عند الكوفيين. قال الكوفيون: راكبًا أتانا زيدٌ، لا يجوز، لأن في راكب ذِكْرَ مرفوعه من زيد، فصار نظير: ما أحب أخذ زيدٌ، وهو لا يجوز. فإن قلت: أتانا راكبًا زيدٌ، جاز لتقدم الفعل على زيد