البدل تابع، والتابع مؤخر الرتبة، ومؤخرٌ في الاستعمال على سبيل اللزوم، والمفعول ليس كذلك، إذ لا يلزم تأخره. انتهى ما شرح به المصنف، وفي أوله بعض تلخيص.
فأما قوله: "ضرب غلامة زيدٌ" فإنما جاز لأن المفعول - وإن كان مُقدمًا في اللفظ على الفاعل - فإنه مؤخرًا عنه في المعنى؛ لأن المفعول رتبته أن يكون بعد الفاعل، وليس بين النحويين اختلافٌ في جواز هذه المسألة. وقال ابن كيسان: العامل في الفاعل والمفعول واحد، وهو الفعل، فإذا كانا جميعًا بعد العامل فكل واحدٍ في موضعه. وقال الفراء: لما تقدم كان صاحبه كأنه معه.
وأما قوله: غلامه ضرب زيدٌ، وفي بيته يُوتي الحكم، وشتى تؤوب الحلبة، ونقله عن الكوفيين؛ لأن الكوفيين فصلوا في الضمير إذا تأخر العامل عن المفعول والفاعل بين أن يكون مُتصلًا بالمفعول مجرورًا، أو بما أضيف إليه مجرورًا، أو منفصلًا منه، أو مُتصلًا به في موضع نصب. فإن كان متصلًا به أو بما أضيف إليه مجرورًا جاز ذلك عندهم أن يتقدم، نحو: إرادته أخذ زيدٌ، وغلام أبيه ضرب زيدٌ. فإن كان الضمير في موضع نصب، وهو متصل بالمفعول، لم يجز ذلك عندهم، نحو: ضاربه ضرب زيدٌ، إذا كانت الهاء في موضع نصب، وإن كانت في موضع جر جاز، كما جاز: غلامه ضرب زيدٌ، وإن كان لم يتصل بالمفعول ولا بالمضاف للمفعول فلا يجوز عندهم تقديم المفعول، ومثلوا ذلك بمثلٍ كثيرة، منها: ما رأى أحب زيدٌ، وما أراد أحب زيدٌ، ويوم يقوم يتخلص زيدٌ، ويوم يقوم يُحشر خالدٌ، وإذا قام سرك زيدٌ، وما يُعجبه يتبع أخوك. فهذه كلها منعها الكسائي والفراء، وأجازها البصريون.