واستدل ابن طاهر على أنه لا يلزمه الوصف بقوله:
ألا رب مولود، وليس له أب
ألا ترى أن مولودا لم يوصف.
قال ابن عصفور: ومما يبين أنه لا يلزمه الوصف أنك تجد أماكن إن جعلت ما بعد المخفوض صفة لم يبق للمخفوض ما يعمل فيه لا في اللفظ ولا في التقدير؛ لأن معنى الكلام لا يقتضي عاملا محذوفا، بل تجد المعنى مستقلا من غير حذف، نحو قول امريء القيس:
فيارب يوم قد لهوت وليلة ... بآنسة، كأنها خط تمثال
ألا ترى أن المعنى مستقل بما في اللفظ خاصة، وإن رمت أن تتكلف حذف عامل، فقدرت: ظفرت بهما، أو تمتعت بهما- كانت زائدة غير مفيدة؛ لأن ذلك المعنى حاصل من غير حذف؛ لأن لهوك بالآنسة في ذلك اليوم وتلك الليلة ظفر بهما وتمتع.
ومما يدل على ذلك أيضا أنك متى وصفت المخفوض برب. بما لا يحتمل غير الوصف تعلقت النفس بزيادة بيان؛ ولم تكتف بالصفة؛ ألا ترى أنك إذا قلت رب رجل قائل ذلك لم يجز الاكتفاء، بل لا بد من عامل مقدر، به يتم الكلام. وإذا قلت رب رجل يقول ذلك وجدت اللفظ مستقلا غير مفتقر إلى حذف.
وكون رب قد عوملت معاملة حرف الفنفي لا يلزم عنه لزوم الوصف للمخفوض بها؛ لأن العامل في الاسم المجرور بها يتنزل منها منزلة الجملة المنفية من حرف النفي.
وهذا الذي ذكرناه من/ أن المخفوض برب لا يلزمه الوصف هو الذي يعطيه كلام س؛ ألا ترى أنه قال في "باب الجر": "وإذا قلت رب يقول ذلك فقد