وأما قولهم "رب للتقليل" إلى آخر الاستدلال بذلك فقد تقدم النزاع في أنها وضعت للتقليل.
وأما قول العبدي ودعواه أن العامل الذي تتعلق به رب محذوف في الغالب، والوصف عوض عنه- فليس ذلك بصحيح، بل الغالب ذكره لا حذفه، ولو كانت الصفة عوضا من المحذوف ما اجتمعا، وقد اجتمعا، فدل على أنه ليس بعوض.
وأما قولهم: "إنها جواب لمن قال: ما لقيت رجلا عالما"- قال المصنف في الشرح: "والصحيح أن تكون جوابا وغير جواب، وإذا كانت/ جوابا فقد تكون جواب موصوف، وجواب غير موصوف، فيكون لمجرورها من الوصف وعدمه ما للمجاب، فيقال لمن قال: ما رأيت رجلا: رب رجل رأيت، ولمن قال: ما رأيت رجلا عاما: رب رجل عالم رأيت. وإذا لم تكن جوابا فللمتكلم بها أن يصف مجرورها وألا يصفه. ومن وقوعه غير موصوف قول أم معاوية:
يارب قائلة غدا ... يالهف أم معاوية
ومثله:
ألا رب مأخوذ بإجرام غيره ... فلا تسأمن هجران من كان مجرما
ومثله:
رب مستغن، ولا مال له ... وعظيم الفقر وهو ذو نشب"
انتهى.
وهذه الأبيات التي أنشدها دلالة على أن مجرور رب لا يحتاج إلى صفة لمدع أن يقول: إن الموصوف محذوف لفهم المعنى؛ ألا ترى أن جميع ذلك صفات، وهي: قائلة، ومأخوذ، ومستغن، فالتقدير: يارب امرأة قائلة، ورب إنسان مأخوذ، ورب إنسان مستغن.