وما ذهب إليه من أن «ما» فيما ذكر كافة وأنها أحدثت معنى التقليل غير صحيح، بل «ما» في ذلك مصدرية، والباء للسببية المجازية، والمعنى على التكثير لا على التقليل، ونظيره قول الآخر:

فلئن فلت هذيل شباه ... لبما كان هذيلا يفل

والفعل الذي تتعلق به الباء مقدر مما قبلها، والتقدير: لانتفاء إحارتك جوابا برؤيتك وأنت خطيب، وهن قديمات العهود دوائر برؤيتي تلك الديار، لفلته بما كان يفلها. والسببية ظاهرة في هذا البيت، وأما في البيتين قبله فسبب خرسه بالموت كونه كان خطيبا في الحياة؛ إذ ينشأ عن الحياة الموت؛ إذ مصير كل حي إلى الممات. وكذلك البيت الثاني، سبب دثور الديار كونها كانت عامرة بأهلها؛ إذ مصير العمران للخراب، ولذلك جاء:

لدوا للموت، وابنوا للخراب ................................

وقوله وقد تحدثت في الكاف معنى التعليل/ يعني: وقد تحدثت «ما» الكافة في الكاف معنى التعليل، فتخرج بذلك عن التشبيه. ومثل ذلك المصنف في الشرح بقوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}. وتقل ذلك عن الأخفش في قوله: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا} الآية، أي: كما أرسلنا فيكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015