ولقد شهدت إذا القداح توحدت ... وشهدت عند الليل موقد نارها

عن ذات أولية أساود ربها ... وكان لون الملح فوق شفارها

يريد: من أجل ذات أولية، والأولية: جمع ولي، وهو الثاني من الوسمي، ويريد به الربيع الذي يكون عنه.

وتابع أبو بكر بن السراج على كون "عن" بمعنى "من أجل" في قولهم: أطعمنهم عن جوع.

وليس على ما ذهبوا إليه، بل كل واحدة من "عن" و "من" باقية على معناها، فإذا/ قالوا: أطعمته من جوع- فإنما يريدون: من أجل الجوع، وإذا قالوا: أطعمه عن جوع- فإنما أتوا ب "عن" لأن الإطعام بعد الجوع، وإذا كان بعد الجوع فقد تجاوز وقته وقت الجوع.

وكذلك "بسير تقلص الغيظان" لأنها إنما تقلص بعد وقوع السير، فقد تجاوز وقت القلوص وقت السير.

وأما "عن ذات أولية" ف"عن" فيه متعلقة بأساود، وأساود مضمن معنى أسائل؛ ومساودته له في حقها سؤال عنها. ويمكن أيضا أن يضمن أساود معنى أخادع؛ لأنه إنما ساود ربها ليخدعه عنها، قاله بعض أصحابنا.

وأما ما استدل به المصنف من قوله تعالى: {إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ}، و {عَنْ قَوْلِكَ}، وقول ضابئ "ولا عن ريثهن يخيب"- فمتأول على أن المعنى: إلا بعد موعده، وبعد قولك، وبعد ريثهن، وإذا كان ذلك بعد فقد تجاوز الوقت الوقت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015