لأنه يلزمك اجتماع الضدين في الواجبن وهو مجيء الرجل وحده مع غيره، ولا يلزم ذلك في غير الواجب إذ قد يجوز اجتماع الأضداد فيما ليس بواجب؛ ألا ترى أنك تقول: ما زيد أسود ولا أبيض، ولو قلت زيد أسود وأبيض لم يتصور ذلك".
وزعم الأخفش الصغير أن السبب في ذلك أن "من" لا تدخل على النوع، فلم يجز أن تقول: جاءني من رجل؛ لآنه لا يجوز أن يجيئك النوع.
وما ذكره لا يطرد؛ بدليل أن العرب لا تقول: يموت من رجل، مع أن موت النوع كله لابد من وقوعه، وإنما السبب ما ذكرناه.
وقوله وربما دخلت على حال مثاله قراءة زيد بن ثابت وأبي الدرداء وأبي جعفر وزيد بن علي والحسن ومجاهد (مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ)، بفتح الخاء وضم النون، أي: أولياء. ومحسن ذلك انسحاب النفي عليه من حيث المعنى كما انسحب عليه في قراءة الجماعة حين كان مفعولاً، شبه ذلك بانسحاب النفي على الفعل المتعدي إلى مفعوله، كقوله تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ).
وقوله وتنفرد من بجر ظروف لا تتصرف كقبل وبعد إلى وعلى اسمين زعم المصنف في الشرح أن من زائدة في نحو: من قبل، ومن بعد، ومن لدن، ومن عن، قال: ((لأن المعنى بثبوتها وسقوطها واحد)). وقد تقدم لنا الرد على من ذهب إلى أنها زائدة في: من قبل، ومن بعد، وأبدينا فرقاً لثبوتها لا يكون مع