ويدل أنه في موضع رفع الإبدال منه مرفوعاً في قوله:

هر جنيب، كلما عطفت له ... غضبى اتقاها باليدين وبالفم

وإذا مر يوم، ولمهد ثنائي، وهوى الريح، وأمهرتها.

ويخرج "من بنين ومن بنات" و"من ثنائي" على أنها للتبعيض، أي: بعضاً من بنين، وبعضاً من ثنائي. وبيت عنترة على أن التقدير: ناء من هزج، وكذا هاو من الريح، ومار من يوم. والمجرورات بـ"مِنْ" كانت في موضع الصفة، ثم أضمر ذلك الفاعل، وصار المجرور في موضع الحال، وقد تقدم أنه لا يستنكر أن يكون الفاعل اسم فاعل يدل عليه الفعل.

واشتراط هذين الشرطين ليس لمجرد السماع، بل قد أبدى بعض أصحابنا لذلك علة أوجبت ذلك، فقال: "أما التزام التنكير فلأن المفرد الواقع بعد (من) الزائدة في معنى جمع، والمفرد لا يكون في معنى جمع إلا إذا كان نكرة، نحو قول العرب: عندي عشرون رجلاً، ولو كان معرفة لم يجز ذلك إلا في ضرورة، نحو:

في حلقكم عظم وقد شجينا

أي: في حلوقكم.

وأما التزام كون الكلام غير موجب فلأنه ينتفي في قولك: ما جاءني من رجل، مجيء واحد ومجيء أكثر من واحد، فلو قلت: جاءني/ من رجل، لزمك أن يكون قولك من رجل على حده بعد النفي، فتكون كأنك قلت في حين واحد: جاءني رجل وحده ولم يجيء رجل وحده بل أكثر من رجل واحد، وذلك تناقض؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015