وأما ما ذكره المصنف من امتناع أن تدل على التبعيض، كقوله: الله أعظم من كل عظيم - فهو قول المبرد في رده على س ادعاءه أنها لا تخلو من التبعيض؛ واستدلاله أنك تقول: زيد أفضل الناس أجمعين، ولم يدع س أنها يصحبها التبعيض في كل مكان، بل قال ذلك حيث أمكن التبعيض، وهو قوله: هو أفضل من زيد، فزيد بعض الناس، وإذا قلت زيد أفضل من العمرين فهما بعض الناس، وإذا قال أفضل من الرجال فقد فضله على جماعة معلومين، فإذا أراد العموم حذف من، فقال: أفضل الرجال، وأفضل الناس، ولذلك جعل س [من] في قولك أفعل من لا يستغني عنها، يريد: إذا أريد معنى التبعيض، فإذا أريد العموم حذفت من كقولهم: هو أكذب من دب ودرج.
وقوله وللانتهاء قال المصنف في الشرح: "ومجيء من للانتهاء كقولك: قربت منه، فإنه مساو لقولك: تقربت إليه. وقد أشار س إلى أن من معاني (من) الانتهاء، فقال: (وتقول: رأيته من ذلك الموضع، فجعلته غاية رؤيتك كما جعلته غاية حين أردت الابتداء). قال ابن السراج: (وحقيقة هذه المسألة أنك إذا قلت: رأيت الهلال من موضعي - فـ (من) لك، وإذا قلت: رأيت الهلال من خلل السحاب - فـ (من) للهلال، فالهلال غاية لرؤيتك، فلذلك جعل س من غاية في قولك: رأيته من ذلك الموضع) " انتهى.