فَقُلتُ لهمْ: ظُنُّوا بأَلْفَيْ مُدَجَّجِ ... سَراتُهُمُ في السَّابِريَّ الُمسَرَّدِ
فليس المتنازع فيه، بل تخريج هذا التركيب على هذا التأويل هو إقرار بصحة الإلزام.
وقد تنبه المصنف في الشرح لقريب مِن هذا التخريج الذي خَرّجه شيخنا أبو الحسن، فقال: «وأمَّا هو ظانُّ زيدٍ فاضلاً ـــــ يعني وهو ماضٍ ـــــ فليس فيه إلا حذف أوَّل مفعولي ظنّ /المدلول عليه بظانّ، وذلك شبيه بحذف ثاني مفعولي ظنَّ المحذوف في: أزيدًا ظننتَه فاضلاً، وأمَّا ظانّ فليست إضافته على نية العمل فيطلب مفعولا ثانيًا، ولكن إضافته كإضافة اسم جامد، وكاستعماله غير مضاف في نحو: هذا ظانُّ أمس زيدًا فاضلاً، على نصب زيد وفاضل بـ «ظَنَّ» مدلولاً عليه باسم الفاعل، فهذا وأمثاله لا خلاف في جوازه، وبه يُتَخلَّص من إعمال اسم الفاعل الماضي غير موصول به الألف واللام» انتهى كلامه.
والوجه الثاني من الوجهين اللذين ذكرهما الأستاذ أبو الحسن: «أنَّ حذف الاقتصار إنما امتنع حيث لا يذكر المفعول الثاني، فأمَّا إذا كان قد اشتمل على المعمولين معًا ــــ وإن لم يذكر الثاني على أنه مفعول بذلك الفعل ـــــ فإنه يجوز، كقولهم: ظننتُ أنَّ زيدًا منطلقُ، لّما اشتمل الكلام على ذكر المفعولين معًا ــــ وإن لم يكن لظننت إلا مفعول واحد هنا ــــ جاز، فكذلك مسألتنا، قد اشتمل الكلام فيها على ذكر المفعولين معًا، وكذلك في الاشتغال إذا قلت: أزيدًا ظننتَه منطلقًا، فلا يحتاج هنا تقدير مفعول ثانٍ لظننتُ المحذوفة؛ لأنَّ المفعول الثاني قد ذُكر مع المفسَّر، ولذلك لم يحتج في أقائمٌ أخواك لتقدير خبر؛ لأنه قد اشتمل على ذكر الخبر والمخبر عنه. وكذلك قولهم: عسى أن تقوم، لا تحتاج إلى تقدير خبر لعسى؛ لأنَّ اسمها قد اشتمل على ذكر الاسم والخبر».