منه لمن يعتقد أنّ الثاني منصوب بفعل مضمر إلا أن تقول إنَّ العرب لا تقول هذا ظانُّ زيدٍ أمسِ قائمًا. وإنما استغنت عنه بقولها: هذا ظَنَّ زيدًا أمس قائمًا، وفي ذلك خروج عما عهد في الأفعال المنصرفة من أنه يجوز أن يعني اسم الفاعل منها الحال والاستقبال والمضي» انتهى كلامه.
وسألت شيخنا الأستاذ أبا الحسن بن الضائع عن هذه المسألة، وذكرتُ له هذين المذهبين واعتراض ابن جني وسكوت أبي علي عنه، فقال: سكوت أبي علي استهزاء به وبضعف اعتراضه لا قصور، والصحيح ما ذهب إليه أبو علي. ثم أملى عليَّ ما نصه:
«فإن قيل: هذا لا يُتَصَوَّر في باب الظن مِن قَبَلِ أنه لا يجوز فيه الاقتصار، وكذلك الاختصار؛ لأنَّ المحذوف اختصارًا كالمنطوق به، فإن قدَّرتَ عاملاً لزم التسلسل.
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أنَّ قولهم هذا ظانُّ زيدٍ إنما يكون على حد قولهم: ظننتُ بزيد، ثم جئت باسم الفاعل منه، فقلت: هذا ظانُّ زيدٍ، فأصله: ظانُّ بزيدٍ، ولا يحتاج هذا مفعولين ثم حَذفتَ وأَضَفتَ، فـ «زيد» في الموضعين ليس مذكورًا على أنه مفعول به، بل على أنه محلَّ لوقوع الظن» انتهى هذا الوجه، وهو إحالة لصورة المسألة؛ لأنَّ الخلاف إنما وقع في اسم الفاعل الماضي المضاف إلى المفعول الأول والجائي بعده المفعول الثاني منصوبًا؛ فهل يُنسب العمل في الثاني إليه أو إلى فِعلٍ محذوف؟ ولم يقع الخلاف في هذا التركيب إلا على هذا التقدير.
وأمَّا إجازته على أنه اسم فاعل من قولهم ظننتُ بزيدٍ، أي: جعلتُه مَوضِعَ ظَنَّي، ولا يتعدى إذ ذاك إلى مفعولين، نحو قوله