وذهب السيرافيُّ والأعلمُ وبعض المحققين كأبي عبد الله بن أبي العافية والأستاذ أبي عليَّ وأكثر أصحابه إلى أنه منصوب بنفس اسم الفاعل وإن كان بمعنى الماضي. وهو اختيار أبي جعفر بن مضاء. قالوا: لأنه قَوِيَ شَبَهُه بالفعل هنا، وذلك أنه يطلب ما بعده من جهة المعنى، ولايُمكِنُ إضافتُه إليه؛ لأنه قد استقلّ لإضافته إلى الأول، فأشبهَ الفعلَ بهذا؛ لأنَّ الفعل يطلب ما بعده، ولا يُمكن إضافته إليه، وصار في ذلك كالمعرَّف بالألف واللام، فكما أن َّ اسم الفاعل المعرَّف بالألف واللام يعمل ـــ وإن كان بمعنى المضي ـــــ لنيابته مناب الفعل، على ما سيذكر إن شاء الله ـــ فكذلك يَعمل في الثاني إذا كان معرَّفًا بالإضافة إجراءً له مُجراه لِشَبَهِه به من حيث كونه معرفة مثله.
واستُدِلً لصحة هذا القول باسم الفاعل من باب ظَنَّ إذا قلت: /هذا ظانُ زيدٍ قائمًا أمسِ، فظانّ يطلب اسمين، ولا يجوز حذف أحدهما اقتصارًا، فلو نصبتَ قائمًا بمضمر لزِمك حذف الثاني الذي يطلبه ظانّ، ولا يجوز حذفه اقتصارًا، فيبقى حذفه اختصارًا، والمحذوف اختصارًا بمنْزلة الثابت، فيلزم أن يكون اسم الفاعل عاملاً فيه، أو تقدّر لذلك المحذوف عاملاً فيه، أو تقدّر لذلك المحذوف عاملاً، فيلزم حذف الثاني لاسم الفاعل، ويرجع الكلام في هذا المحذوف الثاني، وبتسلسل إلى ما لا نهاية له. وبهذا اعتَرضَ أبو الفتح على أبي عليِّ، فسكت.
قال بعض أصحابنا: «وإذا لزم إعمال ظانّ بمعنى الماضي في الاسم الثاني وجب أن يُعتقد مثل ذلك في مُعطي زيدٍ أمسِ درهمًا وأمثاله. وهذا الإلزام لا مخلص