أمّا ما أجازه الكسائيُّ من التمثيل المذكور فلم يَقل إنه رواه عن العرب، وإنما هو من تمثيله، على أنه لو كان سماعًا من العرب لجاز أن يكون منصوبًا بضارِب، وضارِب خبر عن أنا تقدَّم معموله، و «أيُّ ضاربٍ» خبرٌ ثانٍ لا وصفٌ لضارِب.
وأمَّا «إذا فاقدٌ خَطْباءُ فَرخَين» فتُؤوِّلَ على أنَّ فَرخَينِ منصوب بإضمار فعلٍ يفسِّره فاقدٌ، ويدل عليه، وتقديره: فَقَدَتْ فَرخينِ. ويؤيد أنه ليس منصوبًا بفاقد أنَّ فاقدًا صفة غير جارية على الفرخين في التأنيث؛ ألا ترى أنَّ اسم الفاعل إذا لم يَجر على الفعل في تذكيره وتأنيثه لم يعمل، لا يجوز: هذه امرأةٌ مرضعٌ ولدَها؛ لأنَّ اسم الفاعل لا يُذهب به إذ ذاك مذهب الفعل، إنما ذُهب به مذهب النسب، فإذا قلت امرأةٌ مُرضعٌ فالمعنى ذات رَضاع، كما تقول: رجلٌ دارِعٌ، أي: ذو دِرع، فإن ذَهبتَ بمُرْضِعٍ مذهبَ /الزمان فلا بدَّ من التاء، ويعمل إذ ذاك، كما قال:
فأمَّا البيتان الآخران فُتؤُوِّلا على أنَّ قوله: ما تَستَجِنُّ بِجُنَّة، وتَخشى عليَّ ـــ حال من الضمير المستكنِّ في اسم الفاعل. أو معمولان لمحذوف، تقديره:
قالتْ أو تقول أَظُنُّه، أو رَكَضَتْ بَعيرَ [حِلالِ].