وكان مقتضى جعله من باب أَفْعَلِ التفضيل أن يلازمه في التنكير لفظ الإفراد والتذكير، وألاَّ يؤنث ولا يثنَّى ولا يُجمَع إلا معرَّفًا كما كان أَفْعَلُ التفضيل، فمُنع هذا المقتضى، وكان بذلك معولاً عما هو به أَولى، فلذلك مُنع آخَرُ من الصرف، وأجري مُجرى ثُلاثَ وأخواته.

وقوله ولا تليه مِنْ وتاليها وإنما لم تلها مِنْ وتاليها لأنه لا دلالة فيه على تفضيل بنفسه ولا بتأويل كما صلح في أَوَّلَ أَسْبَقُ، وفي أَلَصَّ أَسْرَقُ، وفي أَقْيَرَ أَمَرُّ.

وقوله ولا يضاف بخلاف أَوَّلَ تقول: أَوَّلُ الفُرسانِ، وأَوَّلُ أصحابِك، ولا يجوز ذلك في آخَرُ رجلٍ، ولا آخَرُ الرجالِ، ولا آخَرُ أصحابِك.

وقوله وقد تُنَكَّرُ الدُّنيا والُجلَّى لشَبَههما بالجوامد الدُّنيا والجُلَّى مؤنَّثا الأَدنَى والأَجَلّ، فحقهما ألا يُنَكَّرا إلا إذا ذُكَّرا، لكنهما كُثر استعمالهما استعمال الأسماء المحضة، فلذلك جاز تنكيرهما، كقولِ الراجز:

في سَعْيِ دُنيا طالما قد مُدَّتِ

وقولِ الآخر:

وإنْ دَعَوتِ ... إلى ... جُلَّى ... ومَكْرُمةٍ ... يومًا سَراةَ ... كِرامِ ... الناسِ فادْعِينا

وقولُه ... وأمَّا حُسْنَى ... وسُوءَى فمصدران قرئ في الشاذّ {وقولوا للناس حُسْنَى}، وهو مصدر على فُعْلى كالرُّجْعى، والحُسْنُ والحُسْنَى، والعُذْرُ والعُذْرَى، والسُّوءُ والسُّوءَى ــــ من المصادر التي جاءت على فُعْلٍ وفُعْلَى بمعنًى واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015